الطريق
الخميس 25 أبريل 2024 12:18 صـ 15 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

إسماعيل ياسين.. أيام الدموع والتعب في رحلة «سُمعة»

إسماعيل ياسين
إسماعيل ياسين

"عيني علينا يا أهل الفن يا عيني علينا.. العمر كله عرق و دموع.. وشبع أو جوع و غنى وحرمان.. من اللي يسوى وما يسواش.. بفلوس وبلاش نتسم كمان".. مونولوج غناه إسماعيل ياسين وكأنه يوصف حاله، إذ كانت بداية "سمعة" قاسية وكانت النهاية أشد قسوة، مشوار طويل في الفن محمل بسنوات من التعب والمآسي.

عاش بدون أمه وله قصّة مع الملك فاروق انتهت في مستشفى المجانين.. معلومات عن  الفنان إسماعيل ياسين – thenames

طفولة بائسة عاشها إسماعيل ياسين بعد وفاة والدته ومعاناة والده "الجواهرجي"من الديون التي تراكمت عليه، وما إن وصل إلي مرحلة الشباب حتى اكتشف في نفسه موهبته الغناء ليقنعه صديقه أنه لابد من السفر إلي القاهرة التي تأتي منها الشهرة والالتحاق بمعهد الموسيقى، لم يفكر "سمعة" وهو يأخذ 6 جنيهات من جدته لوالدته دون أن تعرف سوى بحلمه الذي يراوده وهو منافسة المطرب الصاعد حينها محمد عبد الوهاب وصالح عبد الحي.

اسماعيل يس

وجد نفسه في القاهرة التي لا ترحم الغرباء فتوجه إلي منزل أولاد خاله ليلاقي معاملة سيئة ولم يجد منهم الحفاوة والكرم التي كانت يفعلها والده معهم عندما يأتون لبيته في السويس، يقول إسماعيل ياسين في تسجيل صوتي نادر "قالولي جاي ليه؟" فأخبرتهم بالتقديم في التقديم بمعهد الموسيقى "واحدة منهم قالت لي إحنا منحبش يكون في عيلتنا مطرب قال يعني مثلا المطرب ده بيبيع مخدرات".

ذهب لمعهد الموسيقى الذي وجده مغلق في فترة أجازة الصيف، خرج من بيت "أولاد خاله" يمشي هائما في شوارع القاهرة دون وجهة أول مال بعدما أنفق الـ 6 جنيهات التي كان يمتلكها، هداه تفكيره للمبيت في مسجد السيدة زينب الذي لا يغلق أبوابه ولاقى مضايقات من إمام المسجد "كان بيفتحوا المسجد طول الليل بس يظهر على قدمي أنا فتحوه الفجر بس" ترك المسجد وذهب إلي مسجد "مارسينا" ليجده مزدحما وينام خلف الباب بملابس متسخة ولحية طويلة حتى يجد أحد الأشخاص يوقظه من نومه "قالي إنت سرقت طقم الشاي ولازم نوديك في داهية، قولتله والله أنا أول مرة أنام عندكم" لم ينقذه سوى شيخ المسجد "قولتله أنا هربت من أبويا وخدت 6 جنيه" بعد أنا روى له قصته اصطحبه معه لمنزله ونظف له ملابسه ومنحه 35 قرش حتى يعود إلي السويس بعد أن ضاع حلمه في زحام القاهرة.

صور نادرة لـ إسماعيل ياسين فى بداية ونهاية مشواره - اليوم السابع

لم تنته دموع "سمعة" وعند عودته وجد والده الذي كان يمتلك محل صاغة كبير تبدل به الحال إلي محل صغير وأمامه "ترابيزة" ويعمل بيده، كان المشهد فارق في حياته وقرر العودة مرة أخرى إلي القاهرة ليبدأ رحلة الكفاح تارة يذهب ليلًا إلي الأفراح الشعبية، وتارة أخرى يعمل في مكتب محامي، حتى خطفته نداهة الفن واشترى مونولوج من مؤلف مغمور ووقف يغني أمام مدير إحدى الصالات فيقرر تعيينه منولوجيست بمرتب 4 جنيهات شهريًا كانت طوق النجاة الذي أنقذه من الجوع.

شاء القدر أن يلقي في طريقه أبو السعود الإبياري الذي سانده في بداية المشوار ويمنحه الأغاني والمنولوجات دون أن يطلب ثمنها، وقدمه للراقصة بديعة مصابني ليجد نفسه منافسا للمنولجيست الشهير سيد سليمان، وخطفته السينما من صالة "بديعة" على يد المخرج فؤاد الجزايرلي ويكون الظهور الأول له في فيلم "خلف الحبايب"، وسرعان ما يعمل مع علي الكسار في أفلام "علي بابا والأربعين حرامي، نور الدين والبحارة الثلاثة" وينطلق في العديد من الأفلام، وتفتح له السينما الباب على مصراعيها بعد توقف "الكسار" ووفاة "الريحاني" المنافسين الأوائل.

كيف صارت حياة إسماعيل يس مأساة؟

سنوات لا يتوقف عن العمل حتى أنه يعتبر الوحيد في تاريخ السينما الذي صنع 15 فيلما في عام واحد، وبلغت ذروة نجاحه وحملت اسمه سلسلة أفلام هي الأبرز في مسيرته التي تخطت الـ450 فيلما، ولكن يبدو أن نهاية الكوميديان الذي أضحك الملايين لن تكون كوميدية بل كانت تراجيديا قاتمة السواد وعانى في أواخر أيامه من "ماء على الرئة" ويخرج من المستشفى ليجد فرقته تم حلها وطالب بدفع 21 ألف جنيها لمصلحة الضرائب وحجز على بيته وسيارته ومبلغ قليل في البنك حسبما قال في حوار له مع مجلة "الكواكب" في وذكر جملة حزينة في حواره وقال "كنت أسير في الشارع يوم العيد بدون أن أملك قرشا في جيبي".

إسماعيل ياسين..

سنوات وصور أفيشات أفلامه تتصدر واجهات السينمات ليجد نفسه في النهاية بلا عمل تنحسر عنه الأضواء ويعمل في لبنان منولوجيست كما بدأ ويشارك في دور صغير في فيلم "الرغبة والضياع" من بطولة هند رستم ورشدي أباظة ويختم به مشواره ويتوفى في 24 مايو 1972، تنتهي رحلة "سمعة" كما بدأت "منولوجيست" منه وإليه يعود.

اقرأ أيضًا:إسماعيل ياسين.. «سُمعة» صاحب السعادة ونجم الشباك