الطريق
الأربعاء 24 أبريل 2024 04:05 مـ 15 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

مقتل نانسي عجرم

طارق سعد
طارق سعد

نادراً ما تتفق مجموعة على رأي واحد والأكثر أن تتفق على شخص واحد وهو الأمر الذى يزداد صعوبة وحدة تصل للاستحالة مع مرور الوقت والتطور وتشابك الأحداث ما يجعلك دائماً تدور فى فلك التحدي والتنظير بشراسة.

فى معترك الاختلافات ومحاولة الاتفاق وفى خانة الندرة استطاعت "نانسي عجرم" إجبار الجميع على الالتفاف حولها بمختلف الانتماءات والأهواء والأذواق وهي حالة نادرة خاصة أن "نانسي" لا تعتمد فيها على أنوثتها فى الوقت الذى تواجه فيه حرباً شرسة أمام جيوش من الأنوثة الملهبة والمقززة أيضاً.

الغريب أن "نانسي" دائماً تتمتع بحصانة ذاتية من الجمهور بشكل عام ولا ترهق نفسها فى الدفاع عن أي موقف أو أزمة فهناك حائط ناري يقوم بإحاطتها وتحصينها حباً وعشقاً ولا تجد هجوماً من الجمهور يكلفها عناء الصد بل دفاع حديدي عن "نانسي" وغير مشروط حتى عندما تعرضت لأزمة تسريب فيديو خاص لها من أحد مراكز التجميل فى بداية مشوارها لم تواجه ذبحاً ولا تقطيعاً ولا حتى تأنيباً مثلما يحدث عادة مع أى فنان أو فنانة إلا أن "نانسي" دائماً استثناء فى كل شئ .. الجمهور عودها على ذلك فعندما غنت له "أطبطب وأدلع" قرر هو "يطبطب ويدلع بجد"!

الأغرب أن "نانسي" تعرضت للذبح فى جريمة بشعة لا يتقبلها عقل أو حتى بذهاب العقل .. ذبح بسكين مسموم وبدم بارد فى خيانة بشعة ومفاجئة هزت جميع الأوساط وجعل حالها يصعب على الكافر وأنت تشاهد مشهداً استثنائياً لا يتكرر بسهولة.. "مقتل نانسي عجرم"!

"مقتل نانسي" فى منزلها الذى شهد هجوماً من أحد الأشخاص اضطر فيه زوجها الدفاع عنه وعن أسرته الموجودة فيه بقتل الشخص المعتدى.. فلغوياً "مقتل" هو المكان الذى تمت فيه الجريمة عكس ما يشاع استخدامه بأنه جريمة القتل.. فمنزل "نانسى" هو المكان الذى شهد حادث قتل الشخص المهاجم له ليتحول "منزل نانسي" من سكن إلى مسرح جريمة.. "مقتل"!

ما يدعو للدهشة هو الذبح المعنوي الذى تعرضت له "نانسي" فى أكبر أزمة تواجهها ربما منذ قدومها للدنيا فى الوقت الذى كانت تحتاج فيه للدعم الحقيقي على كل الأوجه إلا أن هناك أمراً غامضاً وغير مفهوم فيما تتعرض له "نانسي" من تصفية معنوية ومحاولة إثبات التهمة عليها هي وزوجها حتى قبل التحقيقات وقبل الوصول لكلمة القضاء فى فصل هو الأغرب فى علاقة "نانسي" وجمهورها!

كان الأولى والمنطقي حتى ولو بشكل خاطئ هو الوقوف بجانب "نانسي" فى هذه الكارثة التى وقعت على رأسها وتبرير ما حدث لصالحها فهو الأقرب للعقل.. شخص اعتدى على منزلك وأسرتك وأطفالك فيه وصوب تجاهك سلاحه فلن تنتظره وتتودد إليه "تعالى هنا وأنا أحبك" ولن تجد خيار "أطبطب وأدلع".. مؤكد سيكون رد فعلك سريع وخاطف وهو المكفول قانوناً كدفاع عن النفس.

ما يبث الرعب فعلاً هو تطرف أزمة "نانسي" خاصة قبل معرفة تفاصيل الحادث كاملة بشكل موثوق منه ليتحول الهجوم غير المبرر عليها بمنحنيات أخرى دينية وطائفية وسياسية أيضاً فالأمر أصبح تصويب الأسلحة على "نانسي" من كل اتجاه بلا رحمة وتخطى فكرة الإنسانية التى تم رفع شعارها فلم ينتبه هؤلاء إلى أن "نانسي" أيضاً إنسانة وأطفالها مسجلون فى نفس الخانة!

الحقيقة أنه لم يراع الحالة التى قذفت فيها "نانسي" فربما يضيع مستقبل زوجها وربما تصاب بناتها نفسياً مما أحاط بهن.. لم يضع أحد نفسه ولو للحظة مكانها ليشعر بأحاسيسها.. تخيل أنك دافعت عن نفسك فتحول كل من حولك إلى وحوش كاسرة يريدون افتراسك ويطالبون بخلعك من حياتك وعملك ومن الكون كله بشكل عام رغم أنه فى الظاهر أنت مجني عليك ولست جانٍ حتى يقول القضاء قول فصل!

بشكل قاطع لن تجد مبرراً مقنعاً لتصفية "نانسي" معنوياً بهذا الشكل إلا الدافع النفسي للانتقام من المشاهير فأنت ترى أنهم يحلقون فى عالم مختلف وعندما تلمح فرصة لإسقاطهم تنقض بكل شراسة وللأسف ينسحب خلف هؤلاء الكثير ممن لا يحملون ضغائن ولكن تم صياغة الموجة المستهدفة بأبعاد مختلفة تسمح بدخول كل الأطراف على خط المواجهة لتصبح "نانسي" فريسة فى الوقت الذى تسترجع فيه مشوارها تجدها حبيبة الملايين سواء من طرفها أو من طرفهم.

المضحك أنه تردد أن زوجة القتيل ساومت "نانسي" على مبلغ كبير وعندما تم الاعتراض عليه كان ردها أنه لن ينقص من ثروتها شئ بهذا المبلغ ليُضرب الجميع على رؤوسهم ويكتشفوا أنهم يتحركون وراء "دماغ بلدي قوى"!

السؤال الأهم الآن .. ماذا لو برأ القضاء اللبناني زوج "نانسي عجرم" .. من سيدفع الفاتورة؟!

ربما أيضاً يدان الزوج فى القضية .. فهل تقتلون "نانسي عجرم"؟!

ما شعرت به من حيرة الآن كان يلزمه الهدوء والتقصي وانتظار كلمة القضاء ..

ولكننا الآن نواجه حقيقة مؤلمة ومنفرة يغرق بها مجتمعنا الكبير الذي تعرى من العقل وكشفه "مقتل نانسي عجرم" ليصبح بلا رحمة بوجهه القبيح.... "محامى الشيطان"!