الطريق
الجمعة 26 أبريل 2024 07:42 صـ 17 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

نهاية محمد رمضان

طارق سعد
طارق سعد

أبدع العبقري الراحل "أحمد زكى" عندما قدم فيلم الإمبراطور بشخصية الصعلوك الذى يريد وبأى ثمن أن يدخل وسط الكبار، فتسول رضاهم، وعندما وصل لما يريده قرر أن يكون إمبراطوريته ويتخلص من كل المحيطين به، ليظل هو رقم 1 ولا تأتي بعده أرقام أخرى، فاستعدى الجميع الكبير والصغير والقاصي والداني، وتحول غروره وجنون العظمة أنه باقٍ لن ينتهي وهو ما جعله يسد أذنيه ويغلق عينيه ويكمل طريقه كما اختاره حتى ضاق الجميع به بمن فيهم من يساندونه فيقرروا التخلص منه فى نفس اللحظة لتظل نهاية فيلم الإمبراطور من أقوى نهايات السينما الحديثة فكراً ومعنى.

يبدو أن "محمد رمضان" ومن كثر محاولاته التشبه بـ "أحمد زكي" شكلاً وأداءً لم يحققه.. مُطلِقاً على نفسه "الأسطورة" نحتاً لـ "الإمبراطور" تجمعت ذبذبات الطاقة لتقذف به إلى نفس النهاية فيقرر الجميع التخلص منه فى نفس التوقيت بعدما ضاقت الصدور بأفعاله وعلا تجبره وعُمي وصُم عن الجميع إلا نفسه الأمارة بالسوء بمعدلات دمرت أجهزة القياس!

"رمضان" هذه المرة يكتب فصلاً جديداً من الغرور والافتراء سيُسجل باسمه فى التاريخ فبعد واقعة الطيار الذى اشترك مع "رمضان" فى خطأ لا يغتفر يستحق عليه ما يلاقيه إلا أن "رمضان" تحول إلى وحش كاسر فبعدما كان يتجاوز ضد المنافسين شخصياً وصل للاستهتار بالقانون الذى أوقف الطيار بتعليق سخيف كالعادة وضعه على صفحته المخصصة للجمهور ضارباً بكل الأعراف والقيم والمبادئ عرض الحوائط وطولها ... وهذه سقطة.

لم يتحمل "رمضان" الهجوم الكاسح الذى صدمه للمرة الأولى من الجمهور والذى لا يضعه فى حساباته من الأساس واضطر للتراجع لأول مرة وغيَّر صيغة التعليق ولكن نعمة الـ "سكرين شوت" حفظت فعلته بأرشفة للتاريخ ليعود بتبرير ساذج أنه يهاجم القانون الذى ذبح الطيار فيؤكد أنه لا يعي ما يفعله ولا يقوله ولا يتحمل مسئولية نجومية ولا يفهم معناها ... وهذه سقطة أخرى.

بدأ "رمضان" يشعر بالخطر مع زحف الهجوم عليه من جيوش الجماهير بشكل لم يتصوره يوم فقرر بهجمة مرتدة اتهام الطيار بطلبه "9.5 مليون جنيه" لتسوية المشكلة مؤكداً أنه أحضر فرصة عمل له ليقدم فيها أوراقه ربما يتم قبوله وليس للتعيين وهو ما كذبه الطيار جملة وتفصيلاً ليتناسى "رمضان" فى ادعاءه أن الطيار مُنع من مزاولة المهنة من الأساس فيخرج "رمضان" مرتدياً قناع "الصعبنة" يسأل جمهوره .. "يرضيكم كده" فيصدمه الجمهور بلكمة قوية "آه يرضينا" لتُشرخ "الأسطورة" للمرة الأولى بعدما فشل كارت التعاطف ... وهذه سقطة مفاجئة.

لأول مرة تدشن حملات لمقاطعة "محمد رمضان" وتصل "تريند" فى لطمة قوية هزت جبروت "الأسطورة" ليقرر الرد بسخافة معتادة "هدومي اتقطعت" ليتضاعف الهجوم عليه وحدته وتزيد دوائره بعدما خرج صريحاً ليقول أن رأي الجمهور الذى صنعه "للأسف" لا يساوي شيئاً .. وهذه سقطة جديدة.

أصبحت "الأسطورة" فى خطر وأصبح الوضع مثيراً للشفقة بعدما وجد نفسه محاطاً بالهجوم من كل اتجاه وفتحت عليه النار بعنف ولأول مرة تجد وسائل الإعلام تهاجم "رمضان" صحفاً ومواقع إلكترونية وبرامج أيضاً ليكتشف أنه تعرى من الحصانة فجأة بعدما كان تعريه على المسرح وأمام الكاميرات فقط فربما كانت هناك يد تسند ظهره وتم بترها لتتوه سفينته ويبحر وحده بلا شاطئ ولا قبطان.

كانت الأمور تحتاج استيعاباً عميقاً لخطورتها ومعالجة ذكية ودبلوماسية للأسف لا يتمتع بهم "رمضان" الذى طار عقله عندما تم استبعاده من إحياء حفل مباراة السوبر المصري بين الأهلى والزمالك فى الإمارات ففقد توازنه تماماً فى نفس التوقيت الذى أصدرت فيه نقابة المهن الموسيقية قراراً بمنعه من الغناء وعدم منحه أية تصاريح لذلك فى خطاب واضح وصريح لنقابته المسئولة عنه فى لطمة جديدة لم تتحملها "بقايا الأسطورة" ليتحول الوضع من مجرد مأساة إلى كارثة بكل المعاني!

اقتحام "رمضان" لمطعم "البرنس" الشهير بأسطول سيارات وكاميرات فى محاولة لتصدير صورته كنجم مرغوب وسط الجمهور داهساً كالعادة حقوق كل المحيطين إلا نفسه بل وتهديده صاحب المطعم عندما رفض ذلك يضعك أمام الحقيقة بلا مساحيق تجميل ويؤكد أن "رمضان" أيقن خطورة موقفه وشعوره بألم مسامير تُدق فى نعشه ولكنه لا يملك إلا رد فعل واحد فى الحقيقة مثل أفلامه!

للأسف انهيار "رمضان" الواضح جعله يرتكب كارثة حقيقية ليست فنية ولا جماهيرية هذه المرة ولكنها مجتمعية .. وأمنية أيضاً!

خرج "رمضان" ببيان مكتوب يعلن فيه أنه يًحارّب من "كل الجهات" لأنه من الطبقة الفقيرة التى لا ترضى هذه "الجهات" نجاحها ولا أن تصبح كبيرة وتحقق أحلامها وأنه من هذه الطبقة التى يحتاج دعمها ليخرج بسياراته الفارهة إلى حي إمبابة الشعبي ويقف وسط البسطاء يرقص فوق سيارته بشكل هيستيري غير موزون ولا مفهوم فى محاولة لتأكيد أن "الأسطورة" باقية و"طظ" فى الجميع!

من يتعمق فى المشاهد الأخيرة لـ "رمضان" سيجدها مطابقة تماماً لما فعله رئيس الإخوان الذى لاقى ربه "محمد مرسي" ويستدعى من الذاكرة بيانه الأخير قبل خلعه من الشعب بأيام و الذى حرض فيه الشعب على مؤسسات الدولة بل قلَّب الشعب نفسه على بعضه وكذلك خروجه قبلها من سيارته فى قاعة المؤتمرات ليجرى دون حراسة فى مخاطرة ليثبت قوته بعدما فشل فى خطة اعتقال قيادات الجيش فى القاعة بمنتهى الفُجر والترنح!

ستكتشف أخيراً أن الصورة الكاملة تسير فى نفس الطريق .. النهاية .. بعدما لفظ الجميع أسلوب وتصرفات التعالي والافتراء ولم تشفع له أية نجاحات خاصة بعد هذه المشاهد الأخيرة التى تنذر بكارثة حقيقية يجب التوقف عندها بكل جدية خاصة أن "رمضان" منذ ظهوره يراهن دائماً على "سقط" الجمهور .. جمهور الخمور والحشيش ليسنده دائماً من السقوط ولكنه ربما يتفاجأ بتعافي هذه الفئة لتلاقى "الأسطورة" نهاية "الإمبراطور".

النهاية الحقيقية ليست بالضرورة فنية فقد يستمر العمل ولكن النهاية الحقيقية هى نهاية استقبال الجمهور لهذا العمل.

بالمناسبة .. آخر أغنية أطلقها "رمضان" لمشروب غازي بعنوان "ستينج يا كينج" والتى قال فيها "أنا لعبتي تيكا تاكا .. أحضر لازم تعلى الطاقة" لم تحقق النجاح المعتاد ولم تحضر طاقته رغم أنها لحن أغنية "مكارينا" الشهيرة والمضمون نجاحها دائماً منذ إطلاقها فى التسعينيات وحتى الآن!

"هي دى النهاية يا زرياب" .. جملة تاريخية من فيلم "آيس كريم فى جليم" انتقلت بعد سنوات طويلة من شريط السينما إلى الواقع والحقيقة ... فهل هي "نهاية محمد رمضان"؟!