الطريق
الثلاثاء 1 يوليو 2025 07:07 صـ 6 محرّم 1447 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
جمعية الدكتور مصطفى محمود عضو التحالف الوطني تُوقع عقد تشطيب صرحها الطبي الجديد بأكتوبر وزير السياحة والآثار يترأس اجتماع مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار رئيسة الجمهورية الناميبية تستقبل السفير المصري مراسلة «القاهرة الإخبارية»: هجوم صاروخي يعطل مطار كركوك ويتسبب بأضرار واسعة وحالة ذعر وزير الثقافة والمحافظ يفتتحان الدورة الأولى لمعرض الفيوم للكتاب ضمن احتفالات الوزارة بثورة الـ 30من يونيو مجلس إدارة نادي الزمالك يوجه الشكر للكابتن أيمن الرمادى علي الفترة التي قضاها مع الفريق الخارجية السورية: قرار ترامب برفع العقوبات نقطة تحول مهمة من شأنها دفع البلاد نحو مرحلة جديدة من الاستقرار تفاصيل الاجتماع الفني للبطولة العربية لسيدات كرة السلة بالقاهرة وزير الاتصالات: 30 يونيو لحظة فارقة أثبت فيها الشعب المصري قدرته على حماية هويته محافظ الغربية يجوب شوارع المحلة الكبرى القاهرة الإخبارية: هجمات شرسة من المستوطنين الإسرائيليين على المدنيين الفلسطينيين في كفر مالك بالضفة الغربية وكيل تعليم كفر الشيخ: إجراء المقابلات مع المتقدمين للتجديد للوظائف الإشرافية

الباحث التاريخي أيمن عثمان :” للنبوت لغة خاصة.. والمصريون يبحثون دائما عن مخلص في صورة فتوة” (حوار)

الفتوة
الفتوة

باحث أفنى سنوات حياته السابقة في نبش التاريخ لاستخراج مكنوناته، عاملا بمقولة  من غاب ماضيه خسر حاضره، معتبرا إياه أريكة للقفز لما هو قادم، أهلته خبرته لأن يكون مرجعا للكثيرين، وأخرهم فريق عمل مسلسل "الفتوة"، وهو أحد الأعمال الدرامية المعروضة على شاشات التلفاز في شهر رمضان الكريم، إنه الباحث التاريخي أيمن عثمان.

لطالما أثار مسلسل الفتوة جدل مشاهديه، وجذب انتباههم، حتى إنه يحتل صدارة مؤشرات البحث في جوجل يوميا، لارتباطهم بأحداثه، بالإضافة لردود الأفعال الإيجابية والثناء على تفاصيله.

فقد ستطاع أن ينقل كل تفاصيل الشارع المصري، لاهتمامه الشديد بما يحدث فيه، نظر لأن كل ما يدور في الأحداث الاجتماعية ما هو إلا مرأة لباقي الأوضاع السياسية وغيرها، مستخدما ما يملكه من معلومات ومراجع ليعيد تصوير صراع الفتوات في الفترة معينة، حاوره الطريق للوقوف على تفاصيل العمل الفني، وإلى نص الحوار..

_كيف عرض عليك المسلسل في بداية الأمر، وما الذي لاحظته؟

تحدثت معي صديقة عن المسلسل وأنهم بحاجة لمساعدتي فيه، لذا فقد طلبت أن اقرأ ما انتهوا منه حتى اللحظة التي تحدثنا فيها، وعندما قرأت أوراق العمل وجدت أنه ممتع، لغته سهلة، لكن كان لي عدة ملاحظات لعل أهمها هو غياب الفترة الزمنية أو الملامح الزمنية للعمل، لهذا كان علينا تحديدها في بداية الأمر.

واقترحت أن يكون ذلك عن طريق بعض العادات والتقاليد، فجعلت الحكاية تبدأ في مولد، وتنتهي في مولد، كما ظهرت بعض الطقوس فيه مثل المحمل وشهر رمضان في الجمالية، بالإضافة إلى "العدودة" والتي كان يميز وجودها تلك السنوات.

_لماذا اعترضت على الفترة الزمنية التي كتبت على الشاشة في بداية المسلسل؟

لأن الفترة المكتوبة تجعل الأحداث الواقعة موجودة في عام ١٨٨٠، في حين أني اتفقت مع مؤلف العمل هاني سرحان، والمخرج حسين المنباوي، على أن لا تحدد سنة بعينها، بل نترك الأمر مفتوح، على أن تبدأ أحداثه من عام ١٩٧٥ حتى عام ١٩٨٠، ومعنى التنويه عن الفترة بعام محدد يجعل بعد الأحداث وبعض اللقطات في المسلسل غير منطقية وغير صحيحة، نظرا لأنها حدثت في وقت سابق للذي ذكر.

_ما هي الحلول المتاحة لكم لتتخلصوا من تلك المشكلة ؟

أمامنا حلين، الأول أن نترك التنويه الخاص بالعام في بداية المسلسل، لكن وقتها يجب حذف بعض المشاهد التي يظهر بها لقطات أشير فيها إلى ما قبل تلك الفترة، لكن ذلك سيتسبب في عدم سير أحداث العمل بشكل متسلسل، لغياب مشاهد مهمة تشرح أسباب حدوث بعض المشاكل والمناقشات بعد ذلك، وهذا يعني فقدان المشاهد لتركيزه وجعل الأمور مبهمة بالنسبة له.

أما الحل الثاني فهو تعديل ذلك التنويه بعد انتهاء العرض الأول لحلقات المسلسل على أن تكون الفترة ما بين ١٩٧٥ حتى عام ١٩٨٠ دونما تحدد لأي سنة معينة، وبهذا لن نضطر لحذف أي من المشاهد، لذا فقد أحببت توضح الأمر بمنشور للمتابعين على صفحتي الشخصية.

_لماذا اخترت أن تتحدث عن الفتوة وعلاقته بالشارع في الفترة من عام ١٩٧٥ حتى عام ١٩٨٠؟

عندما جلست مع مؤلف العمل هاني سرحان، والمخرج حسين المنباوي، وحكوا لي عن الفكرة العامة للعمل، وإنهم يودون تلك الفترة بالأخص لندرة المعلومات عنها، ولأنها قبل الثورة العرابية التي تحدث عن الفتوة فيها الروائي نجيب محفوظ في روايته، أردنا شئ مختلف، عمل للتاريخ، لم يخط أحد فيها قلم قبل ذلك، وقد كان بالفعل.
كما كانت تلك الفترة تمثل ارتباك في علاقة فتوات مصر بالشرع المصري والمواطنين، خاصة وأنهم كان يعتبروهم يعيشون في "فخفخة" المماليك.

_ما الذي يجعل عملك مختلف عن أعمال الروائي نجيب محفوظ؟

القصة التي مر بها ماهي إلا سيرة شعبية، ما يجعل منظورنا للقصة مختلف.

_هل اكتشفت شئ جديد بالبحث والتنقيب في الماضي وأذهلك؟

نعم، في البحث في التاريخ وجدت أن بداية رجل الخير الملثم الذي يأتي للناس بحقوقهم كان من عند الأخوين لاما، في أفلام السينما الصامتة، عندما أصيب الممثل ولم يستطيع أن يؤدي دوره، فخرج معلمه للفروسية وهو ملثم طوال الفيلم، ولم يظهر الممثل الأصلي إلا في آخر لقطة وهو ينزع القناع عن وجهه، ففوجئت بأن البطل المخلص المقنع بدايته عربية وليست أجنبية.

_كيف ترجمت ردود الأفعال على منصات التواصل
الاجتماعي عن المسلسل؟

لقد كنت أول من أنشأ صفحة تراث على "الفيسبوك"، تحت اسم "تراث مصري"، وكنت أرغب في أن أزيد وعي المشاهد، وأن لا يسلم بكل ما يقال له، وعندما وجدت اعترض الناس على الفترة الزمنية وأنه هناك بعض الأحداث التي لا تناسب تلك الفترة، ففرحت وحزنت في نفس الوقت.

فرحت لأن مبادرتي التي سعيت فيها منذ سنوات نجحت، وتحول المشاهد لناقض وباحث، إنما لا يسلم بالأمور تسليما، وحزنت لأنه لولا التنويه لما وجد بعض التعليقات التي تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن المسلسل.

_من أين حصلت على معلومات المسلسل؟

من خلال الدوريات القديمة وكتب التاريخ، فأنا لدي مكتبة كبيرة كما بقيت داخل دار الوثائق لأكثر من أسبوعين أبحث فيها عن مصادر لتلك الفترة، وظللت أبحث عن كل ما له علاقة بأواخر القرن التاسع عشر، يخرج سيرة شعبية تحكى للأبناء مثل ما كان يحدث قديما من الجدات لأحفادهم.

_لماذا ارتبط الشارع بالفتوات قديما؟

لأن المصريين لطالما يبحثون عن مخلص، يروون في الفتوات حماية لهم "ضهر"، لذا كانوا مرتبطين ارتباط وثيقا بالفتوة.

_هل كان الفتوة مصدر للأذي والافتراء كما يصل لنا في الفترة الحالية؟

بالطبع ليس كل الفتوات، فهناك فتوات شارع عماد الدين عرفوا بالجبروت والقسوة على الناس، وهناك من عرف بالمساعدة وحماية الناس مثل الفيشاوي، لذا لم يكن جميعهم، وكل ما كان يفعله سكان المناطق الشعبية هو انتظار فتوة أخر أمرين أن يكون فيه الخير عن من يظلمهم.

_ما أكثر الصعوبات التي واجهتها خلال بحثك عن تلك الفترة؟
أكثر ما واجهني من صعوبات هو ندرة المصادر، ما يجعلك تبحث أكثر وأكثر ويأهذ ذلك منك وقت ومجهود أكبر، فذلك أرهقتي خاصة وكوني اهتم بالتفلصيل، اللغة، الشارع، الموالد وما فيها من اندماج بين الأرستقراطيين والطبقات الأدنى من الشعب.

_ما سبب قلة المعلومات الخاصة بتلك الفترة؟

فترة القرن التاسع عشر كانت شحيحة في المصادر نظرا لاعتماد الباحثين على كتب المؤرخين الرحالة والمستشرقين، فلم يكتب مصري ويوقف لتلك الفترة، وهذا ما نجده بصفة عامة في الحياة الاجتماعية المصرية، مثلا الموسيقى الخاصة بتلك الفترة مبهمة تماما، لذا أحضرنا أحد عارفين الطبل والمزمار القدامى الاستعانة بما تناقلوه من أجدادهم من تراث الأغاني.

وكان ذلك مشهد فرح حنؤة، وطلبت من العازفين أن يرجعوا بالذاكرة لحكايات الأجداد وما نقلوه منهم، فعزفوا بالفعل مقطوعة شرقية جديدة على الأذان أخذوها من الأجداد، ورقص عليها الحصان.

اقرأ أيضاً: أقوال الشهود والمتهمين.. كيف خطط ونفذ الإرهابي هشام عشماوي حادث الفرافرة؟

 

_حدثنا عن أبرز مظاهر الفرح في الحارات خلال فترة العمل؟

في الفترة ما بين ١٩٧٥ حتى عام ١٩٨٠ كانت أبرز المظاهر في الأفراح هي الزفة التي يقودها فتوة الحارة، ويمر فيها بالعروس على كل الحارات في طريقه إلى منزل العريس، ويخرج من كل حارة الفتوة الخاص بها، ثم يحيي العروس بالمال ويذهب مع الزفة، كما يخرج الأهالي ل"نقوط" العروس.

ويظل الوضع هكذا حتى يصلوا بحارة العريس، ويسلم الفتوة العروس لفتوة منطقة العريس، وذلك له عدة دلالات لعل أهمها أنها خرجت من حمايته لحماية فتوة جديد.

كما كان "المزين"هو أبيب المعالج لكل الناس، لأنه كان يقوم بعملية الختان لذا ارتبط في أذهان الناس بالطب، كما كانت الصيدلية وقتها هي العطارة، ويذهب الشخص للعطار بوصفة من الحلاق ويأخذ المكونات ل"الدقاق " الذي يطحن المكونات بدوره.

_لطالما سمعنا بلغة "النبوت" الخاصة بالفتوات، فما هي، وهل كان العامة يفهمونها؟

بالطبع كان ل"النبوت" لغة، فعندما كان يمسكه الفتوة من المنتصف ذلك يعني أنه يمشي في سلام، بينما مسكته من أحد الأطراف وحر الآخر على الأرض كان يدل على الشر والغضب وعلى الكل أن يتحاشاه، وعندما يكون في مجلس ويضعه طرفه على قدمه ويضرب به قدمه أثناء الحديث ذلك يعني أنه غاضب، ويجب إنهاء ذلك الكلام والتراجع عنه، و كان الشارع يفهم تلك اللغة.

وقد ذكر الباحث أيمن عثمان أثناء حديثه أنه قد يكون هنا أجزاء أخرى للعمل الدرامي، لذا اختاروا مرحلة ما من التاريخ يبدأوا منها وكانت ما قبل الثورة العرابية.