الطريق
السبت 20 أبريل 2024 08:45 صـ 11 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

حلاوتها أم طبق

طارق سعد
طارق سعد

وسط الأحداث الساخنة والمتلاحقة دائماً ما نبحث عن ما يلطف هذه الأجواء ويقلل من حدتها، كما تبحث تماماً عن نسمة الهواء اللطيفة فى ليالي الصيف الرطب.

منذ قديم الأزل والغناء هو المتنفس الأول للخروج من حالات عدم الصفو وتخفيف الأحمال والتوترات، وأيضاً عامل تحفيزي لاجتياز المراحل والمهمات الصعبة، فلا يشترط أن تكون مطرباً ولا مغنياً، فيكفى أن تستمع لما يناسب حالتك أو تكتفي بالدندنة.

لا ننكر أن الساحة الغنائية اكتظت بالأصوات حتى كونت "سوق" بمعنى الكلمة، تجد فيه الصابح ويصيبك المعطوب، وبين هذا وذاك تتأرجح فى المنتصف أصوات تمتلك من الموهبة والسحر ما يؤهلها لاعتلاء القمة بجدارة بلا عناء وبمنتهى السهولة، واقتناص آذان وقلوب الجماهي،ر وهو ما يتحقق بشكل طبيعي فى البيئات السوية التى تقدر هذه المواهب وتمتلك القدرة على تقدميها واستثمارها بما يليق بها.

"أم طبق".. اسم الشهرة الذى انتشر سريعاً لـ "ناهد النحاس"، التي استطاعت تغفيل الزمن وسيطرت فيديوهاتها الغنائية على مواقع الـ "سوشيال ميديا"، وحققت بها نجاحاً وانتشاراً سريعاً بغناء منفرد فى منزلها، بلا ستوديو ولا أجهزة ولا موسيقى ولا آلات موسيقية، دون أي دعم نهائي، فقط أحبالها الصوتية و"الطبق"!

"طبق" بسيط وظريف اعتمدت عليه "ناهد" كأداة إيقاع وحيدة فى كل الأغنيات التى أدتها بصوتها، استطاع أن يحقق أعلى "سوكسيه"، قام بالتخديم على مطربته ووضعها فى الصدارة، مع ما يسيطر على صوتها من سحر خاص لا تخطئه أذن، ولا يقاومه إحساس لتتحول، "ناهد" من موهبة ثقيلة رقيقة إلى نجمة بـ "طبق"، ويتحول حديث الشباب والأوساط المختلفة إلى "ناهد النحاس".. "أم طبق".

ما ساهم فى نجاح "ناهد" بهذا الشكل بعيداً عن "الطبق"، عوامل أخرى مهمة على رأسها نقاء صوتها وقدرتها على غناء كل الألوان بلا استثناء ولا أي معوق، ومهما كانت الطبقة التى يغني منها صاحب الأغنية الأصلي، فـ "ناهد" جاهزة دائماً وبصوت لا يحتاج أي توزيع موسيقي، فهو يحمله منفرداً ويوصله لك بكل سهولة ونعومة، تقنعك بأنك فعلاً تستمع إلى الأغنية كاملة بموسيقاها وتتنقل معها بين الجمل الموسيقية المختلفة، لتكتشف أنك لست أمام مطربة ولكن عمل فني متكامل.

تمتلك "ناهد" أيضاً ملامحا هادئة بنوع خاص من الـ "كاريزما"، والتى تصدر لك الثقة وأنت تشاهدها فى وصلاتها الغنائية التى تؤديها بمنتهى الأريحية والهدوء، ورغم صعوبة الكثير من تلك الأغنيات إلا أنك تفاجأ بقدراتها على تطويع كل الألحان والطبقات الصعبة، وكأنها أغنياتها التى صنعت لها وليس مجرد أداء غنائي لأغنيات مشاهير الغناء على مر الأجيال.


الاعتماد على الطلة البسيطة التلقائية غير المتكلفة كان جواز مرور "ناهد"، وحلاوتها مع طبقها في جرأة تحسد عليها لم تخطط لها، وهو سر نجاحها الذى لم تتوقعه، مما دفع كثير من البرامج لاستضافتها وعمل لقاءات خاصة بشرط رئيسي.. "تيجي بالطبق"!

نجاح "ناهد النحاس" بهذا الشكل فضح العجز الذى أصاب صناعة الموسيقى، فمنذ سنوات وهذه الصناعة يحدث لها تآكل، حتى أصبحت مجرد جملة "سلوجن" على لافتات شركات الإنتاج التى تحولت لمجرد منفذ لإنتاج من تتعاقد معهم، وفى بعض الأحيان ترى أن من هذه الأصوات من لا يستحق حتى أن ينادي على طماطم فى سوق الخضار!

فى الوضع الطبيعي، كان من المفترض أن تتصارع شركات الإنتاج لاقتناص توقيع "ناهد"، إلا إنه وبعد أن سكنت الأشباح هذه الشركات، فالوضع الراهن ترك "ناهد" بلا أي دعم نهائي، "تلف حوالين نفسها" بكل ما تمتلكه من إمكانيات، فبعد ما كنا نتباكى على فقر ثقافة صناعة النجم، أصبحنا فى حسرة على صناعة الغناء نفسه!

وسط كل هذه الـ "لخبطة" والظروف المتضاربة تغني "ناهد" بطبقها أغنية تسعيناتية "مش نظرة وابتسامة" للمطربة "سيمون" بكل براءة دون أية حسابات لتكتشف فجأة أن الأغنية "تريند" وأصبحت الأكثر تداولاً على صفحات الـ "سوشيال ميديا" فيقفز اسم "ناهد" إلى الصدارة مرة أخرى ملاصقاً له "أم طبق" الذى أصبح علامتها المسجلة في ظاهرة تستحق التوقف والدراسة والتعامل معا بما يناسبها.

ما تنتظره "ناهد" الآن هو التطور الطبيعي للمرحلة والنقلة المهمة على رقعة الشطرنج لتنتقل إلى الاحترافية فهي دون أن تدري أصبحت لا تعبر عن نفسها فقط ولكنها صوت كل من يحمل موهبته الزائدة ويبحث لها عن صياغة حقيقية.

"ناهد النحاس" لم تنجح فقط فى انتزاع الآهات والتصفيق لما تقدمه ولكنها نجحت أيضاً فى انتزاع تلك السطور لتحمل اسمها وتفاصيلها كحالة فريدة لا تتكرر كثيرا على مدى قريب فأنت أمام نجمة كاملة متكاملة لن تبذل مجهوداً فى صناعتها فهي صناعة "رباني" جاهزة للانطلاق فى انتظار "زقة بتفهم" تضعها فى الإطار الذي يليق بها.

"ناهد النحاس" اسم يحمل الكثير وينتظره الأكثر فكما صاح "عدوية" سابقاً "سلامتها أم حسن" ستجد نفسك تصيح أنت لاحقاً ....... "حلاوتها أم طبق".