الطريق
الخميس 25 أبريل 2024 10:22 صـ 16 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

الوحمة الإعلامية

طارق سعد
طارق سعد

لكل زمان رجاله، ولكل زمان أيضاً سقطاته ومصائبه، أما مصيبة هذا الزمان فهو "الإعلام" الذى أصبح العدو الأول، ولكن بصبغة خائنة، فهو فى الأصل أحد دفاعاتك المتعددة الأسلحة، إلا أنك تجده يستدير ويصوب تجاهك لتصبح فى مواجهة مباشرة مع سلاحك!

التخبط الإعلامي وطريق الانحدار بدأ منذ ما يقارب الـ 10 سنوات، وهو ما حدث بالتدريج عندما بدأت الشاشة تتلون وتتنوع وتتكاثر، وتحاول إضافة بصمات جديدة كتطوير لأشكال البرامج ومذيعيها أيضاً، فكانت المصيبة التى تحولت لكرة الثلج سريعاً، رغم كل التحذيرات، وتسببت فى "خراب مستعجل" مع انفلات 2011، حتى أصبح الإعلام هو ذراع الخراب الأول والأخطر.

لا شك أن هناك مجهودات كبيرة استطاعت السيطرة على تلك المصيبة وإبطال مفعولها بشكل كبير، وهو ما ظهرت بصمته ووضح تأثيره فى السنوات القليلة الماضية، وما زال التطوير مستمرا، وقبضة السيطرة محكمة بشكل يستدعي الشكر والتقدير، إلا أنه فى غمار حرب التصحيح والسيطرة على جميع الجبهات، لا تزال هناك جبهة مفتوحة معبأة بالفساد المهني، الذى تطور للأخلاقي أيضا بشكل يثير الاشمئزاز و"يقلب المعدة"، وهي "الإعلام الرياضي".

للأسف الشديد ولد هذا الإعلام مشوهاً منذ بدايته، وتحديداً منذ تحول وتحور من التعليق والتحليل إلى شكل إعلامي متكامل، بمحتوى برامجي، بمذيعينه، بضيوفه، بـ "سلاطاته بـ بابا غنوجه"، لتضيع الرسالة وتكتشف أنك أمام مصيبة كبرى عنوانها "إعلام رياضي"، وحقيقتها "تصفية الحسابات".

هذه الصورة القبيحة بدأت صناعتها مع إطلاق القنوات الرياضية الخاصة، ورغم ثراء الفكرة واستبشار الخير منها، إلا أنها جعلت من الرياضة "ملطشة الإعلام جلابة المصايب"، فلا ننسى وصلات الردح بين "مدحت شلبي" و"علاء صادق" الهارب إلى قطر، وصدامات "شوبير" و"المستشار"، و"تخريف" متواصل لم ينته لـ "خالد الغندور"، وسقطات "شادي محمد" وغيرها، والتى مع ما تخطى الـ 13 عاما، إلا أن الواضع الكارثي من التشويه والفضائح و"قلة الأدب" ما زال عرضاً مستمرا، ويتطور للأسوأ، حتى أصبح الإعلام الرياضي "وحمة" فى وجه الإعلام المصري رغم كل عمليات تجميله.

المستوى المتدني الذى وصل إليه حال الإعلام الرياضي طبيعي وغير مستغرب، فمن يعملون في هذا الإعلام ليس لهم أي علاقة بالإعلام من قريب أو بعيد، فأصبحت العادة أن يقف أمام الكاميرا كل لاعب معتزل كنوع من فرصة عمل أفضل من "قعدة البيت"، وكذلك أي مسئول فى جهة رياضية طالما يملك نفوذاً، فلا مانع من الـ "شقلبة" أمام الكاميرا في حالة "بزرميط"، والكاميرا مستباحة والبيوت مستباحة، فتتحول الساحة من إعلامية إلى ساحة شعبية، تجد فيها ما تراه وتسمعه فى الحواري والأزقة، بلا حرمات ولا وازع أخلاقي ولا ديني مع انعدام المهنية.

أصبح مهماً أن ينتبه صناع القرار لهذا المستنقع الذى تغرق فيه صورة وسمعة المجتمع المصري باسم الرياضة، متسترة خلف ستار إعلامي وهمي، أصبح عبئاً ثقيلاً على مجهودات التطوير والتصحيح والتجميل، فما زال الانحراف الإعلامي مستمراً بلا رادع، وكل مكونات الشاشة تعمل لصالحها، ما عدا "العاق" الإعلام الرياضي!

يجب أن يكون هناك شروط لظهور اللاعبين على الشاشة كمقدمي برامج يحملون مسئولية إعلامية، أهمها الحصول على دورات متخصصة واجتيازها برخصة تسمح لهم بالعمل الإعلامي، حتى لا تتحول الشاشة لمجرد "دار إيواء" للمعتزلين.

أما بالنسبة لإنفاذ القانون المعطل تجاه التجاوزات والبذاءات التي أصبحت رسمية في هذا المجال، صادرة من كبار ومسئولين قبل الصغار كمصيبة أعظم، فلا يحتاج لمناشدات ولا توسلات، فقط يحتاج لقرارات حاسمة سواء مع الأشخاص مهما كانت درجاتهم أو مناصبهم، وأيضاً مع القنوات المتخصصة مهما كان الكيان التابعة له، فالجميع أمام القانون سواسية، حتى نستطيع القضاء على عشوائيات الشاشة كما نقضي على عشوائيات الشارع.

الحقيقة أنه مهما كانت عمليات التجميل التى تقوم بها لتحسين صورة الشاشة وانعكاس صورتنا من خلالها، فلن تحصد نتائجها طالما تركت "الوحمة الإعلامية" بارزة دون علاج، تأخذ النظر وتسيطر على الرؤية، فيبقى الحال يد تبنى ويد تهدم كل ما يُبنى.

فالعلاج سريعا.... أو البتر.