الطريق
السبت 20 أبريل 2024 05:33 صـ 11 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

المعادلة الوطنية التي بناها عبد الناصر.. الأزهر والكنيسة= وحدة وطنية

جمال عبد الناصر-الطريق
جمال عبد الناصر-الطريق

وحدة وطنية كانت ولا تزال قائمة على مر العصور والتواريخ والأديان، لم نسمع في وطننا الغالي مصر إلا جملة "الدين لله والوطن للجميع"، ولا نقصد من هذه الجملة أن الدين لله فقط وليس الوطن، وإنما نتحدث على مفهوم دنيوي، فالله مالك كل شيء دنيا وآخرة، وربما تكون هذه الجملة حسب كتب التاريخ، مقولة صلاح الدين الأيوبي، الذي حارب الصليبيين وطهر أرض العرب من شرهم، أو الزعيم سعد زغلول الذي وقف أمام الإنجليز وقاد ثورته الشهيرة 1919.

وحتى لا نطيل في مقدمات لم يغفل عن ذكرها التاريخ، بطل قصة الوحدة الوطنية بمفهومها العصري، هو الراحل "جمال عبد الناصر"، وفي عام 1959 بدأ عبد الناصر يتجه نحو الأزهر، مأذنة العلوم الدينية والإسلامية في العالم، واخذ يجدد في الأزهر وعلمائه أعطى ناصر التعليمات للأزهر لإحداث تغييرات في مناهجه التي كانت قد تدنت كثيرا، تضمنت التعليمات إنشاء مدارس مختلطة وإدخال التطور في المناهج المدرسية.

وشملت الإصلاحات أيضا اندماج المحاكم الدينية والمدنية، وإبراز دورهم في الحياة الدينية من جانب والسياسية من الجانب الآخر، وذهب إلى الجامع الأزهر وبعض من أعضاء مجلس قيادة الثورة وألقى خطبته الشهيرة.

تصريح الأزهر على دور عبد الناصر في الوحدة الوطنية

يقول الدكتور أحمد زارع، المتحدث الرسمي ومسؤول المركز الإعلامي لجامعة الأزهرلـ الطريق: "عبد الناصر لم يُعرف في عهده أبداً مايسمى بخلل الوحدة الوطنية أو الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين، وكانت الكنيسة والأزهر يدا واحدة في وجه الاستعمار الغاشم.

وأشار "زارع" إلى أن حرب أكتوبر المجيدة كانت الوحدة الوطنية بين جنودها مسلمين ومسيحيين، سببا في النصر وحتى الآن لم نشهد أية صراعات سياسية بينهم، وأن من يحاولون الوقيعة بين المسلمين والأقباط، لا يريدون إلا شراً وبغضاء، وهذا لن يحدث مادامت مصر في وحدة وطنية.

خطبة عبد الناصر على منبر الأزهر

" أحب أن اقول لكم أم مصر مقبرة الغزاه وجميع الامبراطوريات انتهت حينما اعتدت على مصر،وبقيت مصر واليوم نحن نقابل عدون الاستعمار والظلم الذ يريد ان ينتهك حريتنا ونطلب من الله ان يلهمنا الصبر والعزم والتصميم على القتال، وقد أعلنت أننا سنقاتل ولن نعيش عيشة ذليلة...الخ" الخطبة التي تبعت هجوم الكيان الصهيوني على مصر، 20 دقيقة ألهبت قلوب الجميع.

هل الأزهر الأن في طفرة بسبب عبد الناصر

أكد المتحدث الإعلامي على أن الكليات العلمية الموجود حالياً من الطب والهندسة والصيدلة والإعلام..الخ لم تنشأ إلا في عهد عبد الناصر، وكانت الجامعة مقتصرة على الكليات الشرعية فقط، وهذا أدى إلى بروز دور الأزهر عالميا في شتى المجالات، وأقربها مسابقة "إيناكتس الأزهر" التي فازت بها جامعة الأزهر بعد المنافسة مع 38 جامعة عالمية، وهذه أول مشاركة للأزهر، وهذا يدل على أن دور عبد الناصر باقً حتى الأن في الجامعة.

ماذا قدم عبد الناصر للأزهر

يقول مسؤول الأزهر: "الرئيس عبد الناصر حرص على الاهتمام بالجانب الديني فترة حكمه، وأصبحت مادة التربية الإسلامية لأول مرة في تاريخ مصر الحديث مادة إجبارية في المدارس، وصدر قانون بمنع وتحريم لعب الميسر(القمار)، وزاد عدد المساجد الرسمية والأهلية في مصر من 11 ألف مسجد إلى 21 ألف مسجد، افتتاح معاهد أزهرية للفتيات، وأقيمت مسابقات عديدة في كل المدن لتحفيظ القرآن الكريم، وطبعت ملايين النسخ من القرآن، وأنشأ مدينة البحوث الإسلامية على مساحة 30 فداناً لاستقبال وافدين الخارج للدراسة بالأزهر مما أدى إلى تطوير مجالات أخرى مثل السياحة الدينية والثقافية، وأسس منظمة المؤتمر الإسلامي وأنشأ إذاعة القرآن الكريم".

اقرأ أيضا: عاجل | السيسي يصل إلى أرض الوطن بعد زيارة الكويت

هل سبب صدام عبد الناصر مع الإخوان توحيد الأزهر والكنيسة أم سبب أخر؟

وأجاب "زارع" أن الإخوان تخوفت من أن يكون لغيرها السيادة في الحكم، قبل أن يسيطرعليهم ناصر، وهم يتناسون تقاليد الدول التي تقول بأنه لا يمكن أن تتعارض مع نظامها السائر، وهناك قاعدة تقول أن العرف جزء من الشريعة والأزهر في جميع العصور كان داعماً للأنظمة والدولة؛ بهدف التوحيد والإيخاء والمصلحة العامة ولا بد أن تستقيم الأحزاب والجماعات مع قوانين الدولة، والإخوان جماعة تأسست على خلاف القانون، ولدينا شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، الذي كان يدرس بالثانوية في عهد عبد الناصر، يقول من أكثر الفترات التي ترعرع فيها الأزهر فترة عبد الناصر، بالرغم من أنه جاء وسط نظام اشتراكي.

تصريح السياسيين عن دعم عبد الناصر للوحدة الوطنية

من جانبه قال شادي طلعت، مدير منظمة اتحاد المحامين للدراسات القانونية والديمقراطية، أن عبد الناصر كان عدواً للتطرف الديني، ولم يكن عدواً للدين نفسه بدليل أنه أنشأن في المسيحية كنيسة الكاتدرائية بالعباسية، وإذاعة القرأن الكريم للمسلمين، وهذا إن دل فإنما يدل على دورة العظيم في دعم الوحدة الوطنية، التي كان يحتاجها في ذالك الوقت.

وأكد "طلعت" في تصريح لـ"الطريق" أن عبد الناصر كان لا يفرق بين مسلم ومسيحي، واستقبل شيخ الأزهر،عبد الرحمن جاد، والأنبا اثناسيسوس، قائم مقام قرازة المرقسية، في مكتبه منذ نهاية أزمة جماعة "الأمة القبطية" المتطرفة سنة 1954 ، وطوال 17 عاما حتى عام 1971، ومن بعدها لم تشهد مصر أى حادث للفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين.

عبد الناصر في صدام مع الإخوان

اختلفت الأراء حول ما إذا كان عبد الناصر إخوانيا أم لا، ولكن ليس هذه المشكلة، فحتى لو كان انضم للإخوان آنذاك فهذا لا يدل على أنه تطرف، بالعكس عقب ثورة 23 يوليو وإلغاء الملكية أرادت "جماعة الإخوان المسلمين" السيطرة على الدولة باعتبارهم مشاركين في الثورة، إلا أن مجلس قيادة الثورة برئاسة اللواء محمد نجيب، قرروا إلغاء البشوية والبكوية، وهي ألقاب تطلق على الثري من الشعب وصاحب الجاه، وكان من بين القرارات التي تسببت في إشعال أزمة بين الإخوان وبين المجلس، قانون الإصلاح الزراعي، ووضع حد أعلى للملكية الزراعية 200 فداناً وتوزيع الباقي على فقراء الفلاحين.

غضب حسن الهضيبي، المرشد العام للإخوان في ذلك الوقت وبدأ الصدام برفضه للقانون، وقرر المجلس إنشاء "هيئة التحرير" لإقامة تنظيم سياسي شامل وهذا يعني أن الجماعة بدأ يخسف ظلها، وأصدر الهضيبي تعليمات بعدم انضمام أي فرد من الإخوان لهذه الهيئة ومن يعارض ذلك يعتبر مطرودا من الجماعة.

هل مصر في وحدة وطنية حتى الأن بسبب عبد الناصر

أكد مدير منظمة اتحاد المحامين، أن ما نحن فيه الآن بسبب جمال عبد الناصر، لأن الإخوان لا ترغب في مجتمع مسيحي داخل مصر عكس الأزهر، فنحن نرى أي افتتاح لمشروعات يكون شيخ الأزهر بجانب بابا الكنيسة، وعلى مر الحكومات يد الأقباط في يد المسلمين.

وتابع: نظام مصر أصبح علماني يفصل الدين عن السياسة، وقبل قدوم عبد الناصر كانت الحكومات علمانية، وعبد الناصر لا يعيبه أنه انضم للإخوان في بدايته كسياسي، ولكنه كان يريد ديموقراطية وليس استحواذا مما جعله ينشق عنهم ويسيطر عليهم تباعًا، فهو أقحم نظمًا كثيرة في الدولة منها الاشتراكية والشيوعية والعلمانية والليبرالية والدينية..إلخ.

اقرأ أيضا: البرلمان يفتتح أعمال الجلسة العامة لدور الانعقاد السادس والأخير

أوجه الاختلاف بين السادات وعبد الناصر في التعامل مع الإخوان

وعلق "طلعت" بأن المسألة هنا مختلفة والسياسة تتحكم بدورها، عبد الناصر كان نظام حكمه الاشتراكي الشيوعي الغارق في أحضان الاتحاد السوفيتي، يجبره على أن يتصرف معهم كما فعل ولأنهم كانو يريدون "الخصخصة الإخوانية" لمؤسسات الدولة، ولكن ناصر أعطاهم وزارة الأوقاف والتعليم بعد الثورة ولكنهم يعلموا أن نصيبهم يجب أن يكون أعلى من ذلك، أما السادات كان لا يرغب في نظام اشتراكي ولا شيوعي فاتجه نحو الإخوان، ظنا منه أنه لن يبكي على اللبن المسكوب وسمح السادات للجماعات الدينية بممارسة حرياتهم بشكل كامل حتى قاموا باستحلال دمه عقب حرب أكتوبر.

الإخوان والإسلام السياسي

إن الإخوان حينما سُئِل مرشدهم فترة حكم عبد الناصر عن مايريدونه قال الدين على الرغم أن فترة عبد الناصر تم بناء مايقرب من 10 ألاف مسجد، ولم يكن هناك طريق يسلكونه غير القوة.

يقول ماهر فرغلي، الباحث بشؤون الجماعات الإسلامية في تصريحات خاصة لـ"الطريق" إن الرئيس جمال عبد الناصر، هو من بدأ بناء الدولة المصرية الحديثة بعد انتهاء الملكية، وسيطرة النفوذ الإنجليزية ورأس المال، وأصبحت مجالات العمل والإصلاح لكل مواطن مبدأ تسير عليه الدولة.

اقرأ أيضا: عاجل | رئيس الوزراء يقرر استبدال ”الهيئة العامة لقصور الثقافة” بـ”وزارة الثقافة”

وأكد "فرغلي" أن الراحل كان له دور رئيسي في توحيد الهيئتان الإسلاميتان، وإصلاحهما والعمل على لم الشمل، لأنه كان يرغب في بناء دولة اجتماعية وليست طائفية، مشيراً إلى أن ماقام به عبد الناصر من تطوير في الأزهر جامعاً وجامعةً وبناء الكنيسة المرقسية بالعباسية، كان له الآثر الواضح في الوحدة الوطنية التي نعيشها الآن.

وعن سؤاله في فترة حكم ناصر والسادات والتعامل مع "الإخوان"؟

يجاوب.. كل رئيس دولة في العالم له سياسة خاصة وطريقة في الحكم، ناصر كان يعلم خبايا التنظيم وما سيسير عليه في المستقبل، وأن طريقة "البنا" كانت تعتمد على السيطرة والاستيلاء بطرق شرعية وغير شرعية، ولذلك أمن مكرهم وقام بالسيطرة عليهم حتى لا يقومون بمحاولة تعطيل فترة التنمية، أما السادات فأراد أن ينهي على الناصرية، وكان هدف خروج الإخوان من السجون للمصلحة العامة، لتي يراها كثير من الباحثين والسياسيين نقطة سلبية في تاريخ السادات، والتي بسببها تم اغتيال السادات على يد "خالد الإسلامبولي"، مشيرًا إلى أن عصرالسادات كان عصر الحريات.

وتابع الباحث السياسي: في عهد الملك فاروق سادات الليبرالية المطلقة، وفترة عبد ناصر الديكتاتورية، وفترة الحريات في عهد السادات، فلكل فترة حكم ظروف خاصة.

محاولة اغتيال ناصر

بدأو في تجهيز 4 خطط لاغتيال عبد الناصر، الأولى كانت في الإسكندرية والتي عرفت بحادثة المنشية وكانت هي الأقرب للنيل منه، والثانية حينما أرادوا تفجير قطار الاسكندرية الذي كان يستقله ناصر، والثالثة حينما أرادوا اغتياله بالقرب من منزله في شارع الخليفة المأمون، والأخيرة أثناء موكب له في القاهرة، وبدأت الأحكام تتوالي عليهم واحدأ تلو الأخر حتى تم السيطرة عليهم، وكانوا يُعدون لكوارث بالبلاد بعض اعتراف أفرادهم باشتراك أمريكا في دعمهم للتطرف والهدم.

هل سيحدث صلحا أو وفاقاً بين الإخوان وبين الدولة يوما ما؟

علق ماهر فرغلي على هذا السؤال: "مامعنى المصالحة هنا؟ إذا كان الجلوس على طاولة الاجتماعات والتفاوض بين الجانبين لتهدئة الوضع السياسي، هذا لن يحدث، لأن الحل يجب في وضع آلية لتحديد وحصر المسجونين السياسيين، والذي ربما يصل عددهم إلى 50 ألف سجين، ومحاولة التغيير الفكري والتوعوي له من خلال برامج وخطط، لأنه سيخرج من السجن يوما ما وبدل من أن يكون لديه حس الانتقام، يتم الاستفادة منه في المجالات المتعددة، ولابد من الهيئات الحاكمة أن تقوم بتبني شباب الإخوان، لأنهم أبناء مصر اللذين ضل سعيهم ولم يجدوا من ينقذهم ويعمل على احتضانهم.

أجهزة الإخوان السرية

وحسب وكالة الأهرام في عددها المنشور 10 ديسمبر 1965، كان للتنظيم الإخوانى أجهزته السرية، ومن بينها جهاز لجمع المعلومات الاستخبارية وآخر للاستطلاع وثالث لجلب المراسلات والأموال من الخارج، ورابع لشراء السلاح وتخزينه فى القاهرة، بالإضافة إلى خلايا لتصنيع وضخ المواد الناسفة والمواد الحارقة، وأخرى من المهندسين لمعاينة الأماكن التى سيتم نسفها وبيان إمكانية التنفيذ، ووضع التنظيم خططاً لنسف عدد من الكبارى والمصانع والقناطر ومحطات الكهرباء ومطار القاهرة ومبنى التلفزيون وبعض مراكز البوليس ومنازل كبار ضباط الأمن والمباحث العامة بقصد إحداث شلل عام فى جميع المرافق، فيما أعدت خرائط تم ضبطها لهذه المواقع كلها، وتكليفات بحق عدد من دور السينما والمسارح والمتاحف لإحداث الذعر.