الطريق
الخميس 2 مايو 2024 11:08 مـ 23 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

«مولاي إني ببابك».. عندما خلع النقشبندي العمامة على لحن بليغ

الشيخ سيد النقشبندي
الشيخ سيد النقشبندي

صوت عذب كأنك تسمع قلبك ومنشد ديني لا يشق له غبار، وأحد أشهر المنشدين في تاريخ الإنشاد الديني، هو "شيخ المبتهلين" الشيخ سيد النقشبندي.

ولد سيد محمد النقشبندي في 7 يناير 1920 بقرية دميرة إحدى قرى محافظة الدقهلية، لأب من علماء الدين ومشايخ الصوفية، انتقل مع أسرته إلى مدينة طهطا بسوهاج، حفظ القرآن الكريم وتعلم الإنشاد الديني في حلقات الذكر بين مريدي الطريقة النقشبندية وفي موالد أبي الحجاج الأقصري وعبد الرحيم القناوي وحفظ أشعار ابن الفارض والبوصيري.

استقر في مدينة طنطا بالغربية وذاع صيته كمنشد وبدأ ينتقل لإحياء الليالي في العديد من المحافظات وعبرت شهرته الحدود وسافر إلي معظم الدول العربية والآسيوية، وفي مسجد الحسين بالقاهرة سمعه الإذاعي أحمد فراج ونصحه أن يسجل الأدعية وعبر أثير الإذاعة قدم بعض التسجيلات في برنامج "في رحاب الله".

له عدد من الابتهالات في برنامج "دعاء" وفي التلفزيون اشترك في برنامج "نور الأسماء الحسنى" وبرنامج "الباحث عن الحقيقة" وكانت ابتهالات وتواشيح النقشبندي بصوته تعلن اقتراب موعد أذان المغرب في شهر رمضان، وتوفي النقشبندي إثر نوبة قلبية في 14 فبراير 1976.

"مولاي إني ببابك" هي الأشهر من بين ابتهالات الشيخ النقشبندي وبليغ حمدي، وبدأت قصتها عندما كان النقشبندي يفتتح حفل خطبة كريمة السادات في القناطر، وبعد أن انتهى وقف يسلم على الرئيس الذي أمسك يده وأمر وجدي الحكيم بفتح الإذاعة وأبلغه رغبته في أن يسمع الشيخ على ألحان بليغ.

يمشي النقشبندي يؤخر ساق ويقدم الأخرى ناحية استديو الإذاعة حتى وصل مكتب وجدي الحكيم، "على آخر الزمن هغني يا وجدي" كان الأمر بمثابة الصدمة عند كبير المبتهلين إذ كان يعتقد أن خشوع الابتهال يفسده اللحن ويحوله إلى أَغَانٍ راقصة، ولم يدرك أن بليغ الذي ينتظره داخل الأستوديو سوف يغير حياته بلحن واحد.

اتفق وجدي الحكيم مع النقشبندي على إشارة وهي أن يجلس مع بليغ نصف ساعة فإذا دخل ووجد الشيخ خلع العمامة سوف يفهم أنه وافق أما إن ظلت العمامة فوق رأسه تعني رفضه وحينها يبلغ الرئيس بفشل المفاوضات بينهما.

دخل النقشبندي وأغمض عيناه وراح يردد "مولاي إني ببابكَ قَد بَسطتُ يَدى.. مَن لي ألوذُ به إلاك يا سَندي" ينتظر وجدي الحكيم بالخارج في حالة من القلق بينما الشيخ بالداخل يكمل"أقُوم بالليّل والأسحارُ سَاجيةٌ..أدعُو وهمّسُ دعائي بالدُموُع نَدي.. بنُورِ وَجهِكَ إني عَائدٌ وجلُ.. ومن يذ بك لن يَشّقى إلى الأبد" ربما عندما قالها خلع عمامته.

كانت كلمات الشاعر عبد الفتاح مصطفى تخرج بخفة مندمجة مع لحن بليغ الهادئ ليناسب صوت الشيخ الذي يصدح بـ"مَهما لقيت من وعارضها..فَأنت لي شغل عمّا يرى جسدي" مسح الشيخ العرق الذي يتصبب على وجهه.

وقف على قدميه يسجل الابتهال بصوته الملائكي ويكمل "تَحّلو مرارةِ عيشٍ في رضاك.. ومَا أُطيقُ سُخطاً على عيشٍ من الرَغَد" ثم وضع يده على قلبه وتجلى "مَن لي سِواك، ومَن سِواك يَرى قلبي ويسمَعُه؟ كُل الخَلائِق ظِلّ في يَدِ الصَمدِ" باقي من الزمن نحو 5 دقائق ووجدي الحكيم يمني نفسه أن يوافق النقشبندي على لحن بليغ.

فتح "الحكيم" الباب ليجد الشيخ قد خلع "العمامة والجبة والقفطان" ويقف في خشوع رافعا يده للسماء يناجي ربه بـ"أدعوكَ يَا رب فاغفر زلَّتي كَرماً.. واجعَل شَفيعَ دُعائي حُسنَ مُعْتَقدي.. وانظُر لحالي في خَوفٍ وفي طَمعٍ.. هَل يَرحمُ العَبد بَعْد الله من أحد؟".

وبعدما أفاق النقشبندي من دهشته صاح في وجه وهو وجدي الحكيم وهو يقول "بليغ ده عفريت من الجن" وعاش ابتهال "مولاي" وبات الأكثر حضوراً في شهر رمضان، وبعده لحن له بليغ 5 ابتهالات هي "أنغام الروح، أشرق المعصوم، أقول أمتي، أي سلوى وعزاء، رباه يا من أناجي، يا ليلة في الدهر"، ولم يتقاضى كلاهما أي أجر عن الابتهالات.

اقرأ أيضًا: «عيب عليك».. عمرو دياب في مرمى انتقادات الجمهور بسبب ظهوره بالحلق