الطريق
السبت 20 أبريل 2024 02:35 مـ 11 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

في حواره لـ”الطريق”.. المخرج عادل عوض يفتح قلبه وخزائن أسرار والده

محمد عوض
محمد عوض

محمد عوض فنان يمتلك موهبة لا تعرف حدود وخفة ظل عالية، عشق الفن وبات مخلصا له حتى الرمق الأخير، أحب المسرح وقدم العديد من المسرحيات حتى أصبح "عملاق المسرح" وهو أحد أهم الفنانين في المسرح المصري وأبرز فناني جيله في التليفزيون والسينما في عصرها الذهبي، برع في تجسيد كل الشخصيات وأشدها صعوبة، فنان مثقف وقارئ لقب بـ"الكوميديان الفيلسوف".

وفي ذكرى وفاة محمد عوض يفتح ابنه المخرج عادل عوض قلبه وخزائن وأسرار والده لـ"الطريق" ويحكي عن بدايات الفنان محمد عوض في مشواره الفني وعلاقته بالفنانين وارتباطه به وعن أدواره البارزة وأهم المحطات في مشواره الفني وأسرار في حياته الشخصية وعلاقة الحب الذي جمعت بينه وبين والدته.

في البداية حدثنا عن بداية محمد عوض وحبه للفن؟
كان والدي يهوى لعبة كرة القدم وانضم لفريق الكشافة الملكية وأحب التمثيل في مرحلة الطفولة وأحب نجيب الريحاني وكان ينتظره أمام المسرح ويجري بجوار "الحنطور" حتى يصل الريحاني إلي منزله ولم يحاول في إحدى المرات أن يتحدث معه وكان يشارك في الفرقة التمثيلية وهو في المدرسة وحصل على المركز الثاني على القطر.

متى كانت بدايته الفعلية في مشوار الفن
درس الفلسفة وحصل على ليسانس الآداب من جامعة عين شمس في 1957، ولقب ب "الفيلسوف الكوميديان" دفعه حبه للتمثيل أن يلتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرج في 1962 ومن شدة عشقه للفلسفة كان يكتب مقولات وعبارات أفلاطون وأرسطو على حوائط المنزل، ومن عشقه للريحاني كون في أثناء دراسته بالجامعة فِرْقَة مع سعيد عبد الغني تحت قيادة الكاتب أنيس منصور وكانت فكرته أن يقدم مسرحيات الريحاني ويستعين ببطلات فرقته زوزو شكيب وماري منيب وحققت الفِرْقَة نجاح كبير وحصل على عدة ميداليات عن عدد من المسرحيات.

ما هي كواليس دخوله فرقة الريحاني
في أثناء عمل ماري منيب معه كانت في نفس الوقت تعمل مع بديع خيري وأخبرته أنها تعرف شاب يحفظ كل مسرحيات الريحاني وطلب منها إحضار والدي وبالفعل ذهب معها وتبنت "ماري" موهبة محمد عوض ومنحته جزء من "الدولاب" الخاص بها ومساحة صغيرة جدا حتى يغير فيها ملابسه.

متى بدأت شهرته مع الفرقة بعد مساعدة ماري منيب؟
بدأت عندما غاب عادل خيري بطل الفرقة في إحدى الأيام بسبب مرضه وقام والدي بدور البطولة مكانه وعين في الفرقة بمبلغ 7 جنيهات شهريا تبرع بها لعلاج الفنان العظيم عبد الفتاح القصري، وظل في مسرح الريحاني فترة كبيرة وعندما أصبح نجم بعد مسرحية "مين يعاند ست" كان الفنان الوحيد الذي فتحت له غرفة نجيب الريحاني وكانت مغلقة لمدة 30 عاما ولم يسمح لأحد قبل والدي بدخولها.

ماذا عن محمد عوض بعد أن ترك الفرقة؟
كان حبه للريحاني والمسرح لا ينتهي حتى أنه عندما أصبح نجم مشهور وكان عندما يمر من أمام مسرح الريحاني لابد أن يقف بسيارته ويصافح كل من يجده حتى لو كان أحد العمال ويجلس في المسرح بالساعات.

كانت فترة الستينات مهمة في مشوار محمد عوض حدثنا عنها؟
نجاحات كثيرة حيث تألق في مسرحية "جلفدان هانم" أيقونة مسرح التليفزيون، وحقق نجاح وإيرادات خيالية في مسرحية "نمرة 2 يكسب" وتم ضمه إلي الفرسان الأربعة للمسرح العربي في الستينيات بجانب فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي وأمين الهنيدي وتم رفع أجره حينها ووصل إلي 400 جنيها وكان مبلغ ضخم حينها وبسببه تم رفع أجر باقي "المهندس ومدبولي والهنيدي" أسوة بوالدي ومن الأشياء الجميلة في تلك الفترة أن بسبب مسرحية "جلفدان هانم" فتحت الأوبرا أبوابها أمام الشعب وكان قبلها لا يدخلها العامة.

قدم محمد عوض العديد من المسرحيات ولكن حدثت أزمة مع عبد الحليم حافظ بسبب مسرحية مطرب العواطف.. ماذا عنها؟
فعلًا قدم والدي عدد من المسرحيات المهمة منها "ولا العفاريت الزرق، سفاح على الرغْم من أنفه، أصل وصورة، راسب مع مرتبة الشرف، العبيط" ومسرحيات لكبار الأدباء "يوم مقتل الزعيم" للأديب نجيب محفوظ و "المهزلة" لـ يوسف إدريس ولكن ما حدث في "مطرب العواطف" أن إحدى المجلات كتبت نقد عنها وبين السطور كتب أن محمد عوض تميز في تقليد عبد الحليم حافظ بعدها ظهر والدي معه في إحدى اللقاءات وتحدث عن والدي بكل حب ولكن بعد اللقاء بشهر تقابلوا في الإذاعة وفوجئ والدي بـ"حليم" يرفض مصافحته وحاول والدي مصالحته فيما بعد بشتى الطرق.

ماذا عن فرقة الكوميدي المصرية التي أسسها محمد عوض
أسس فرقة "الكوميدي المصرية" في 1968 ليصبح صاحب أكبر فرقة مسرحية في تاريخ المسرح العربي وضمت بين أعضائها عمالقة التمثيل منهم "فؤاد المهندس، ميمي شكيب، زوزو شكيب، شويكار، خيرية أحمد، محمد رضا، نبيلة عبيد" وجيل أخر منهم "محمد صبحي، المنتصر بالله، زيزي البدراوي، نبيل الهجرسي" وغيرهم، قدم عدة مسرحيات في السبعينيات أبرزها "طبيب رغم أنفه، كلام رجالة" ببنما كانت الأيقونة "هالو دوللي" مع "المهندس"، وتوالت مسرحياته "موليار، مقالب اسكابان".

كيف كانت علاقته بالفنان فؤاد المهندس وأمين الهيندي ومدبولي
كانت عِلاقة جيدة وكان المهندس عضو في فرقته التي انضم لها في 1972 وكان والدي في بعض الأحيان ينتج مسرحيات للمهندس ولا يشارك فيها ممثلا وقدما سويا مسرحية "هالو دوللي" وهي أيقونة السبعينيات وللأسف لم يتم تصويرها.

وكان عبد المنعم مدبولي جاره في العباسية وهو من رشحه لمسرحية "جلفدان هانم" وعند قرأها والدي قال له أنها تراجيدي وليس بها مساحة للكوميديا ولكن "مدبولي" أقنعه بأنه سوف يحولها إلي كوميدي وكان له الفضل عليه لأن بعد المسرحية تحول "عوض" من ممثل إلي نجم، وفي فترة من الفترات سمع والدي أن أمين الهنيدي وعقيلة راتب لم يعملوا من فترة فأخذ "مدبولي" معه وقدم لهم فيلم "احترسي من الرجال يا ماما" وكان يحب كل زملائه.

شكل دويتو كوميدي مع الفنانة خيرية أحمد.. ماذا عنها؟
بالطبع شكل مع الفنانة خيرة أحمد دويتو كوميدي مهم وشاركت معه في فيلمي "شيلني وأشيلك" و"سفاح رغم أنفه" وكانت فنانة قديرة ورائعة وأحد أعضاء فرقة "الكوميدي المصرية" التي أسسها والدي.

كم عدد المسرحيات التي قدمها محمد عوض؟
قدم مسرحية "القاهرة 80" وهو أعظم عرض مسرحي بأقل الإمكانيات، وتألق في "حب ورشوة ودلع، تصبح على خير يا حبة عيني، مراتي تقريبا، وقدم نحو 100 مسرحية وهو الرقم الأكبر في تاريخ المسرح العربي وحصل لقب "عملاق المسرح العربي".

وفي فترة السبعينيات كان يسافر إلي أمريكا ويعرض مسرحيتي "سفاح رغم أنفه" و"كلام رجالة" في 50 ولاية أمريكية وكان وقتها يتم تحذيره من جماعات متطرفة من الممكن أن تفجر المسرح وكان كل يوم يكتب تعهد على نفسه أنه المسؤول عن نفسه وعن زملائه الفنانين وكان وهو على خشبة المسرح ينتظر أن يحدث أي انفجار من تحت خشبة المسرح.

هل أحب محمد عوض السينما بقدر حبه للمسرح؟
بالطبع.. وعمل مع كبار مخرجي السينما أبرزهم نيازي مصطفى في "حواء والقرد، حلوة وشقية، بابا عايز كده، مجانين بالوراثة" ومع بركات في "اخواته البنات" ومع حسام الدين مصطفى في "شياطين البحر والمساجين الثلاثة"وشارك في الفيلم حبا في رشدي أباظة كذلك كان يعشق شقيقه وجيه أباظة وكان عندما يحدثه في التليفون يقف احتراما له.

لم يتوان والدي في الوقوف ومساندة زملائه ففي الوقت الذي يقوم فيه ببطولة أمام سعاد حسني في فيلم "حواء والقرد" ذهب ليساند أحمد رمزي في فيلم "الحب سنة 70" وكان لا يفرق معه حجم الدور، وأخرج له فطين عبد الوهاب "أكاذيب حواء" بينما حسن الإمام "امرأة على الهامش" ومع صلاح أبو سيف في "المجرم" وعمل والدي منتج وموزع لأفلام أجنبية في مصر وأنتج لكل زملائه في المسرح وأنتج للفنان هاني شاكر ونيللي مسرحية "السيندريلا والمداح".

كان محمد عوض وطني حتى النخاع حدثنا بعض مواقفه الوطنية؟
كان يذهب بفرقته بقطار البضائع حتى يعرض مسرحياته للمهندسين والعمال في السد العالي لمدة 10 سنوات دون أجر وفي إحدى المرات مرض وارتفعت درجة حرارته فأرسل له الدكتور حاتم عبد القادر 3 أطباء بطائرة عسكرية لعلاجه وفي مساء نفس اليوم كان يقف على خشبة المسرح ويقدم مسرحياته.

وكنت أذهب معه إلي الجبهة بعد نكسة 1967 في سيارته ويقابل الفلاحين قبل المنطقة الممنوعة ويأخذ منهم الفاكهة والمياه وينقلها بسيارته للجنود مسافة 20 كيلو بالسويس ثم يعود بالجنود الجرحى وكان يكتب لشقيقته في ورقة المديونيات والأموال التي له عند غيره لأنه لا يضمن عودته حيا، وكان طوال مدّة الاستنزاف يذهب بفرقته إلي الجبهة لتقديم العروض للجنود وسافر معهم في حرب اليمن وبعد نكسة 67 اتجهت الدولة لتشجيع الفرق الخاصة وكان حينها والدي في ذروة نجاحها فقررت الدولة أن تعطيه مسرح الزمالك بأمر مباشر من الرئيس عبد الناصر.

ماذا عن حب محمد عوض لكرة القدم؟
كان لاعب كرة جيد وفي الجامعة كان يحصل على ميدالية كل عام بجانب ميدالية في التمثيل وكان يحب نادي الزمالك وفي نفس الوقت لا يفصح عن انتمائه الكروي وكان عندما يسأله أحد يقول "أنا زمهلاوي" وكان عضو شرفي في النادي الأهلي ويقدم بداخله الحفلات، وبجانب هوايته للعب كرة القدم كان له هوايات أخرى مثل عشقه للكشافة والسفر.

جينات حب الفن انتقلت لأبناء محمد عوض الثلاثة ولكن كنت الأكثر تعلقا به.. ماذا عن ذكرياتك معه؟
نحن 3 أبناء أنا أكبرهم ويعمل شقيقي علاء في التمثيل بينما عاطف في الإخراج ويعمل في التصميم الاستعراضي وهو أهم مصمم استعراض عربي وبالنسبة لي كنت أذهب معه إلي المسرح والبلاتوه وظهرت معه في عدة أفلام أبرزها "أجازة بالعافية" وكان عمري وقتها من ست إلي ثماني سنوات.

وكانت فرصتي الوحيدة في الكلام معه عندما يقود سيارته لأنه لا يتحدث عن عمله في البيت، وكان من عادته أن يقود سيارته ويمشي في شوارع القاهرة دون هدف يوميا لمدة ساعة وفي تلك المدة يحدثني عن الفن والسينما والفلاسفة مثل أفلاطون.

جمعته بوالدتك قصة حب كبيرة حدثنا عن بعض منها
تعرف إلى والدتي قوت القلوب عبد الوهاب في الجامعة وكانت تدرس في آداب إنجليزي وبعدها تزوجا واستمرت فترة الزواج لمدة 41 عاما وفي أواخر أيامه أصيب بالمرض وحزنت هي على مرضه وأصيب بالاكتئاب وذهب لعلاجها في الخارج وهناك كان يكتب عنها في مذكرات ويدون كل تفاصيل يومه معها.

وظهر حبه لها جليا في الكلام الذي كان يكتبه عنها بكل حب وفي منتهى العذوبة والرقة ما يدل على أنه ظل زوج وفي لها حتى أخر لحظة في عمره وبعد وفاته بـ 40 يوما توفيت هي حزنا على فراقه.

اقرأ أيضًا:

العوضي: تجمعني قصة حب مع ياسمين عبد العزيز في «ضرب نار» فيديو