الطريق
السبت 8 فبراير 2025 01:37 صـ 9 شعبان 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
فيديو| دبلوماسى سابق: حماية حقوق شعب الفلسطينى جزء من الأمن القومى المصرى تقارير عبرية: 70% من الإسرائيليين يؤيدون تنفيذ اتفاق غزة بجميع مراحله بمشاركة 350 شركة مصرية.. انطلاق فعاليات معرض ”كايرومازر” علوم البحار: العثور على سلحفاة بحرية نافقة بشاطئ النخيل ونقلها لتحنيطها بمتحف الإسكندرية الثلاثاء المقبل.. حملة لزراعة 850 شجرة بـ محمية قارون ضمن مشروع ”الطريق الأخضر” انتصار الأهلي والزمالك في الجولة الأولى من مرحلة حسم لقب دوري اليد شاهد| رئيس «الديوان الملكي» الأسبق: تهجير الفلسطينيين إلى الأردن أمر مرفوض ترامب: لا داع للعجلة بشأن الخطة التى طرحتها بشأن غزة.. ولن يتم نشر جنود أمريكيين في القطاع أول جسر جوي إنساني للاتحاد الأوروبي منذ وقف إطلاق النار في غزة يصل إلى العريش ”السكةالحديد” تعلن المواعيد الجديدة على خطي القنطرة شرق إلي بئر العبد وبشتيل وكفر داود والسادات محافظ الغربية: استعدادات مكثفة لاستقبال الفصل الدراسي الثاني محافظ جنوب سيناء يبحث مع وفد يوناني رفيع المستوى سُبل تعزيز التعاون المُشترك

محمد دياب يكتب: قانون المسؤولية الطبية نحو صياغة توازن دقيق بين الأمانة المهنية والعدالة الإنسانية

محمد دياب
محمد دياب

في مشهد يتسم بالجدل العميق والتأمل الواعى يُطِل قانون المسؤولية الطبية كمشروع وطني طموح ليعيد رسم ملامح العلاقة بين الطبيب والمريض تلك العلاقة التي طالما قامت على الثقة المتبادلة والمسؤولية المشتركة. قدمت الحكومة هذا القانون للبرلمان حيث خضع لدراسة ومناقشة مستفيضة في مجلسي الشيوخ والنواب محاطاً بأسئلة ملحّة تتجاوز النصوص القانونية لتغوص في جوهر العمل الطبي وأبعاده الإنسانية.

لم يكن الطريق نحو الصيغة النهائية ممهّداً إذ أثار القانون جدلاً واسعاً حول بعض مواده وصياغاته. كانت النقاشات أحياناً حادة وأحياناً أخرى هادئة لكنها دائماً مشحونة بروح البحث عن الإنصاف. فهناك من رأى أن القانون قد يحمل قيوداً لا تتماشى مع طبيعة المهنة، بينما طالب آخرون بضمان حقوق المرضى في مواجهة الأخطاء الطبية مهما كانت دوافعها.

وسط هذا المخاض الفكري أعلن رئيس الوزراء بصوت يحمل الثقة والتوافق: "لقد وصلنا إلى صيغة احترمنا فيها رغبة الأطباء". صيغة تبدو كأنها تكتب بشعور من التوازن العادل حيث وُضع الخطأ الطبي تحت عدسة فاحصة تُميز بين الخطأ الجسيم الذي لا يُغتفر والخطأ الذي يقع ضمن البروتوكولات العلاجية وفي ظل التعقيدات اليومية للعمل الطبي.

وأكثر من ذلك جاءت الصيغة النهائية لتلغي شبح الحبس الاحتياطي الذي كان يهدد الأطباء مكتفية بما يكفله قانون العقوبات من نصوص رادعة. كما أُنشئت جهة فنية متخصصة ممثلة في لجنة طبية عليا لتكون الحكم الفاصل في تقييم الخطأ الطبي قبل أن تتخذ الجهات القضائية مسارها. هذه الخطوة لم تكن مجرد تعديل تقنى. بل هي إقرار عميق بأن العدالة تبدأ من الفهم الدقيق لطبيعة المهنة وتحدياتها.

إن هذا القانون بمضامينه الجديدة ليس مجرد وثيقة تشريعية بل هو انعكاس لرؤية وطنية تسعى لردم الفجوة بين التطلعات والواقع. إنه اعتراف بأن الطبيب رغم مكانته كحارس لصحة المجتمع هو إنسان يعمل تحت ضغوط هائلة وأن العدالة ليست فقط في العقاب بل أيضاً في توفير مناخ يتيح له ممارسة دوره بطمأنينة وثقة.

هكذا ينطلق قانون المسؤولية الطبية كجسر يمتد بين الواجب الإنساني للأطباء وحق المرضى في حياة كريمة وآمنة ليصبح علامة فارقة في مسيرة مصر نحو نظام صحي متوازن يقدّر قيمة الحياة وكرامة الإنسان.