الطريق
السبت 3 مايو 2025 04:51 مـ 6 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
وزير الإسكان يعقد اجتماعًا بمقر جهاز مدينة السويس الجديدة لمتابعة المشروعات التنموية بالمدينة توقيع مذكرة تفاهم بين شركة تنمية الريف المصرى الجديد ومؤسسة مرفت سلطان لتوفير خدمات طبية وعلاجية مجانية طاقم تحكيم أجنبي لإدارة مباراتي الاتحاد والزمالك في نصف نهائي كأس مصر للسلة والنهائي وزير الشباب والرياضة يشهد حفل افتتاح مهرجان أسوان لسينما المرأة في دورته التاسعة وزير الري يبحث موقف مشروع ”الإدارة الذكية للموارد المائية بقطاع الزراعة في مصر” رحاب غزالة: تيران وصنافير ملف محسوم.. والشائعات خيانة وعي وزير الثقافة يشارك في صياغة “إعلان الحوار الإعلامي العالمي” ضمن قمة WAVES 2025 في مومباي وزير الرياضة يشهد مهرجان جنوب الصعيد المتكامل بمشاركة 2000 شاب وفتاة من أربع محافظات بأسوان وزير الإسكان يتابع مشروع مستشفى جديد ومجمع ورش حرفية ورفع الكفاءة والتطوير بمدينة العبور اكتشافات أثرية جديدة بسيناء تكشف عن أسرار ”حصون الشرق” نائب وزير الإسكان يعقد اجتماعًا مع اللجنة التنسيقية العليا لتحديث منظومة أكواد مياه الشرب والصرف الصحي وزيرة التخطيط: نعمل على إعداد خطة تنفيذية لدعم معدلات النمو والتشغيل

محمد دياب يكتب: السقوط الأخلاقي في أبشع صوره

لم يكن المثل العربي القديم "تجوع الحرة ولا تأكل بثديها" مجرد عبارة عابرة بل هو قاعدة أخلاقية تمثل قيم الحياء والكرامة التي ميزت مجتمعاتنا لعقود طويلة. ومع ذلك يبدو أن هذه القيم بدأت تتآكل مع ظهور عصر السوشيال ميديا حيث أصبحت الشهرة الزائفة والمال السريع غايات تبرر أي وسيلة مهما كانت مبتذلة أو مهينة

منصة "تيك توك" التي بدأت كتطبيق ترفيهي بسيط تحولت إلى ساحة مفتوحة لكل أشكال الانحدار الأخلاقي. لم يعد الأمر مقتصراً على التسلية أو الإبداع بل أصبح تنافساً شديداً على كسب المال والشهرة عبر تقديم محتوى مبتذل يخلو من أي قيمة. مقاطع الفيديو التي تتسم بالسطحية والرقص المبالغ فيه والتلميحات التي تخدش الحياء أصبحت مشهداً يومياً يُطالعنا دون أدنى رقابة أو محاسبة

الظاهرة الأخطر هي أن بعض الفتيات أصبحن يقدمن أنفسهن كسلع لجذب المشاهدات وتحقيق الأرباح السريعة متناسيات تماماً قيم الكرامة والحياء. كل حركة وكل نظرة وكل كلمة تُباع في سوق "التريند" حيث أصبح اللايك والمشاهدة هما العملة الجديدة التي يتم بها تقييم البشر

ما يحدث على "تيك توك" ليس مجرد سلوكيات فردية بل هو مرض اجتماعي يتفشى بصمت يهدد بخلق أجيال تعتقد أن التفاهة هي الطريق للنجاح وأن المال يمكن أن يُبرر أي تصرف مهما كان مهيناً. هذا الانحدار لا يقتصر تأثيره على الأفراد بل يمتد ليشكل تهديداً خطيراً للهوية الثقافية والقيم الأخلاقية للمجتمع بأسره

المسؤولية في مواجهة هذه الظاهرة تقع على عاتق الجميع. الأسرة والمدرسة والجهات المسؤولة عن تنظيم المحتوى الرقمي يجب أن تتكاتف لوقف هذا السيل الجارف من التفاهة والانحطاط. لا يكفي حظر الفيديوهات المسيئة أو فرض القوانين فقط بل يجب إعادة بناء الوعي المجتمعي وتعزيز القيم الأخلاقية التي تاهت وسط صخب السوشيال ميديا

الحرية الشخصية لا تعني الانفلات ولا تبرر الإساءة للقيم والتقاليد. يجب أن نتذكر أن الشهرة الحقيقية تُبنى على الأخلاق وأن الجمال في الحياء والقيمة في الكرامة. لن تنجح أي منصة أو محتوى إذا لم يكن قائماً على احترام الذات والمجتمع

ما يحدث على "تيك توك" ليس مجرد ظاهرة عابرة بل هو أزمة أخلاقية تهدد عمق مجتمعنا وتضرب أسس قيمنا. أصبح هذا التطبيق ساحة لتسليع المبادئ وتحويلها إلى عروض مبتذلة في سوق الشهرة السريعة حيث الكرامة أصبحت سلعة رخيصة والحياء مجرد بضاعة تُعرض على الرفوف

هل هذا هو المصير الذي نريد أن نراه لأجيالنا؟ هل يمكن أن يقبل مجتمع له تاريخ عظيم وحضارة راسخة أن تُسحق قيمه تحت أقدام التفاهة؟ إن "تيك توك" ليس مجرد منصة بل هو معول هدم ينقض على القيم الأخلاقية التي تربينا عليها ليجعل من السطحية عنواناً والابتذال قيمة

لكل من يعتقد أن الصمت هو الحل أقول له : إن السكوت ليس حكمة بل تواطؤ في تدمير ما تبقى من هوية وطنية وإنسانية. نحن أبناء هذا البلد نتحمل مسؤولية الحفاظ على إرثنا الثقافي والأخلاقي ولن نسمح بأن تفقد الأجيال القادمة القدرة على التمييز بين القيم والأوهام

إن المسؤولية اليوم تقع على عاتقنا جميعاً. وعلى الجهات المعنية أن تتحرك بحزم وأن تتخذ قرارات صارمة لحماية شبابنا من الوقوع في براثن هذا الانحطاط. نحن لا نطلب سوى حماية القيم التي نؤمن بها والحفاظ على هذا المجتمع الذي لن يقوى إن تم محو ملامحه

أطالب بوقف هذا الانحدار ليس من باب القمع ولكن من باب الإنقاذ فالمسؤولية التاريخية تقتضي منا أن نكون الدرع الذي يحمي القيم والمستقبل الذي لا يمكن أن نتركه فريسة للتفاهة. نحن اليوم أمام مفترق طرق وقرارنا سيكون هو الفارق