الطريق
السبت 27 أبريل 2024 03:19 صـ 18 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

شاكوش.. ومرزبة هاني شاكر

طارق سعد
طارق سعد

لم يخلق الله شيئاً كاملاً.. فالجمال ليس كاملاً والعكس صحيح.. والخير ليس كاملاً والشر أيضاً والجيد ليس كاملاً وبالطبع السئ.. فكل شي مهما كان مضيئاَ ستجد به ولو نقطة معتمة وإن كان مظلماَ فمؤكد ستجد ولو نقطة ضوء فالكمال لله وحده ومستحيل إطلاق أحكاماً مطلقة على شخص ما أو أمر ما ولكن من الواجب أن تبحث وتفتش داخله عن تفاصيله.. فكل شئ له ما له وعليه ما عليه.

الإبداع أيضاً جزء مهم من هذه المعادلة فليس كل عمل رائع أو سئ فى المطلق فمؤكد هناك جوانب قوة وضعف ولكن الفيصل فى كفة الميزان أيهما أثقل وتطغى وتعطى لك الانطباع العام وهو ما يلزمه الابتعاد عن السطحية والانسحاب خلف موجات التأييد أو الرفض ولكن تبحث وتنقب داخل كل ما يقابلك لتستخلص منه ما يناسبك وتتخلص من المزعج فأن تدعم حواسك بـ "فلتر" أفضل بكثير من أن تصبح مجرد وعاء يُصب فيه دون تمييز اعتماداً على رأى سائد.

لا يختلف أحد عن الانحدار الذى أخذت به أغاني المهرجانات صناعة الموسيقى والفن الغنائي بشكل عام وأيضاً الذوق العام كوجبة فاسدة تقدم للجمهور بلا رقابة وكثير منها تمثل كلماتها جرائم أخلاقية بجانب استغلال مكونات أعمال نجوم مختلفة من ألحان وكلمات فى سطو صريح وفاجر على إبداعات الغير دون محاسبة ولكن .. لا ينكر أحد أيضاً نجاح هذه النوعية وانتشارها كالنار فى الهشيم لا تفرق بين طبقات مثقفة وطبقات شعبية فالكل سواسية عندما ينطلق مهرجان فى أية مناسبة وأى مكان.

الشكل الموسيقى للمهرجان هو سبب نجاحه والذى أصبح للجمهور كـ "الزار" يخرج كبته معه دون الالتفات لمحتواه فقط تفريغ شحناته مع موسيقي صاخبة هى فى الحقيقة مجرد "دوشة وخبط ورزع" ومع الاحتفاء بها لا يلتفت الكثير للكلمات المشينة لمعظمها إلا بتنبيه من واعٍ لهذا الـ "عك" الغنائي وبين هذا وذاك وفى بصيص من الضوء والأمل تجد وسط صندوق قمامة كبير أعمالاً جيدة حقيقية تستحق الجماهيرية والانتشار وأصحابها يبحثون عن وجود حقيقي ويحملون رؤية ربما تكون مشوشة تحتاج فقط للتوجيه وهو ما يلزم القائمين على مراقبة هذه الصناعة أن يقوموا بدور فعال فى انتقاء "الورد" من بين "الوحل" والتوجيه والتعديل دون منع وإلغاء كامل وفتح النار عشوائياً على الجميع بشكل هيستيري فى نوبة صحيان مفاجئة بعد غيبوبة طويلة!

"حسن شاكوش وعمر كمال" نموذج لهذه التوجه فالحفاوة التى قوبل بها إنتاجهما فاق كل التوقعات وحطم ونسف كل أسقفها فبعمل بسيط وغير مدروس وبلحن لأغنية خاصة بحماقي هى فى الأصل لحن تركي وبدون قصد أصبحا "نمبر1" جماهيرياً ونجما مجتمع وأصبحت "بنت الجيران" يغازلها العالم كله بشكل أسطوري وهما ما زالا فى دهشة و"خضة" من هذا التحول المفاجئ والغير مخطط له ولم يتصورانه فى أبعد أحلامهما ليلتبسهما مشهد النجم "عادل إمام" الشهير فى مسرحية "الزعيم" عندما قرروا استغلاله الكومبارس كرئيس للجمهورية ويقنعونه بذلك وهو يصر على "الرش أمام القصر بخرطوم المياه ورز بلبن و عشة جنيه".

الحقيقة أن محاربة نقابة المهن الموسيقية لـ"شاكوش" تحديداً وبشكل علني أمر غير مفهوم و"شاكوش" هنا يحمل معه "عمر كمال" فى لقب واحد خاصة بعدما أصبح مطلب جماهيري ولا غبار على الصوت والأداء والكل يفهم ويعي وعلى رأسهم الفنان النقيب "هاني شاكر" أن الخطأ فى حفل الإستاد المسئول الأول والأخير عنه هو التنظيم الذى يعرف الضجة على الجملة الكريهة داخل الأغنية ومع ذلك لم ينتبه ولم يراجع ولم يهتم وصدم الجميع بهذه النسخة بمن فيهم "شاكوش" نفسه والذى ظهر رد فعله على الهواء محاولاً رفع صوته فى الميكروفون للتشويش عليها فى "تكنيك" ليس منطقياً مع حجم الأجهزة الصوتية المنطلقة منها الأغنية وسط ما يقارب الـ 100 ألف من الجماهير التى يكتظ بها أهم وأعرق ستاد يحمل اسم العاصمة وتاريخا الحديث!

للأسف أصر النقيب أن يتحول لـ"مدير امن" ويطارد "شاكوش" تحديداً رغم أنه الوحيد تقريباً الذى يجتهد فى محاولة تقديم عمل صحيح وأقر بتدني الجملة التى شوهت الأغنية التى حققت نجاحات خيالية على مستوى العالم وأصدر نسخة جديدة معدلة بجملة لائقة لرغبته الشخصية "إنه يمشي فى السليم ويكمل" ولكن يتم مطاردة "شاكوش" ويتناسى الجميع كارثة حقيقة تسمي "حمو بيكا" هو الأخطر من فيروس "كورونا" فلو شاهد "النقيب" فيديو أو اثنان فقط من الذى هاجم فيها من يهاجمونه ويبرر وجوده ويمجد فى تاريخه وما يقدمه وأنه أصبح فرض وأمر واقع سيكتشف "النقيب" أنه ضل الطريق وأن هناك هذا الـ "حمو" الذى تباهى بتاريخه ليعاير به "شاكوش" مؤكداً أنه صاحب "هاتلى فوديكا وشيفاز .. وشقلطونى فى بحر بيرة" بأداء "أنا سعد الدالي ... إنت مين" وهو ما يحتاج ليس مجرد إيقاف ومنع من الغناء بل إصدار أمر عاجل بالاعتقال!

هل انتبه النقيب لرأسي حربة صناعة المهرجانات اللذان تخرج من عباءتهما هذه الكوارث؟ هل واجه النقيب "فيجو الدخلاوي و فيلو" مثلاً؟! هل أغلق هذا المحبس الرئيسي؟!

للأسف مرة أخرى لم يستطع نجم كبير بحجم "هاني شاكر" معالجة المشكلة بشكل فني صحيح ربما لأنه نجم غناء صاحب قامة وليس "أدرجي شاطر" ولأنه من كثر التوهة والسؤال المُلح "فين النقيب .. فين هاني شاكر" قرر أن يصيح فجأة "أنا أهو" و "يرزع بالمرزبة" ليعلو صوته فوق الجميع!

كان الأولى دراسة هذه النوعية المسماة بمهرجانات وانتقاء المناسب منها ووضعها تحت مظلة النقابة والرقابة بلوائحهما .. قد تكون "مرزبة هاني شاكر" الغرض منها أن يأتي الجميع مهرولاً يقدمون فروض الولاء والطاعة وكسر عصيانهم وهو ما نستبعد أن تخطيط النقيب له ولكنه أصاب طائشاً.

نحن نمتلك صناعة موسيقية لها لون خاص نستطيع أن ننقيها وننقحها ونجعلها موازية لـ "الراي الجزائري" ولكننا فقدنا الصناعة الحقيقية والفكر والرؤية أمام "سحبة التريند" وهو ما يستلزم وجود مستشارين أصحاب رؤى وفكر متطور حول النقيب ليصدر قرارات تليق باسمه وتاريخه ودوره النقابي.

الغريب أنه بين "شاكوش" و "مرزبة هاني شاكر" يظهر "خابور" مفاجئ وهو إعلان الشاعر "أيمن بهجت قمر" اعتزاله كتابة الأغاني وهو أحد أهم وأقدم شعراء الجيل الجديد والمتصدي دائماً لاستعادة حقوق زملائه فى صناعة الغناء ولا تعلم سبباً مقنعاً لهذا التفكير بدلاً من استكمال دوره ومحاولة الخروج بالموقف من هذا المأزق بشكل مهني سليم وهو القرار الذى لم يلفت الانتباه ومر مرور الكرام فلم تزحف الجماهير فى الشوارع بعد قرار "التنحي" ولم يشم رائحة "التريند" فى خسارة أصاب بها "أيمن" نفسه بنفسه دون داعٍ وهو "قاعد فى أمان الله"!

أخيراً وليس آخراً ... خرج "شاكوش وعمر كمال" بأغنية جديدة ظل جمهور السوشيال ميديا فى انتظارها بمجرد الإعلان عنها قبلها بأيام ومجرد تسريب للأغنية حقق ملايين المشاهدات وأصبح "تريند حقيقي" خلال ساعات قليلة فى "ضربة شاكوش" قوية تقلب موازيين الحرب القائمة على هذا "الغلبان" لمجرد إثبات الوجود!

الحقيقة أن ضربة "شاكوش" أقوى بكثير من "مرزبة هاني شاكر" بشكل مؤسف وهو ما يُلزم الجميع بإعادة الحسابات مرة أخرى جدياً وبهدوء وبشكل مهني دقيق مواكبة للتطورات العصرية السريعة وللحفاظ أيضاً على الصناعة الحقيقية للأغنية وإلا سينال الجميع ضربات متلاحقة موجعة.. وبرعاية "النقيب".