الطريق
الخميس 8 مايو 2025 08:50 صـ 11 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب

كيف تعامل الرسول والصحابة مع متوفين وباء الطاعون؟

دفن الموتى
دفن الموتى

"إكرام الميت دفنه".. عبارة تتناقلها ألسن البسطاء عندما يتوفى أحد أقاربهم، في الأوقات العادية، وتختلف المفاهيم والمعايير التي لازمتهم لسنوات، وبعدما تتبدل الأمور، وتجتاح البلاد أمراض معدية، فبعد كل ما كان يقدم للمتوفى من غسل وجنازة عند المسلمين وغيرها من المظاهر في أوروبا يتحول الأمر لمحاولة التخلص من الجثمان بحيث لا تنتشر العدوى، فيبدأ الناس بحرق الجثث أو دفنها بعيدا في الصحراء وغيرها من الطرق التي يبتكروها لمنع انتشار المرض.

شاهدت بعض محافظات مصر حالة من الهلع عندما يعلم ساكنيها بدفن شخص مصاب بفيروس كورونا المستجد، بل ويصمموا على دفنه بعيدا بطريقة لا تليق، وعلى مر العصور شهد المسلمين العديد من الأوبئة، فكيف كانوا يتعاملوا مع ضحاياها في عهد الرسول والصحابة.

الطاعون في عهد الرسول

ضرب الطاعون عدة بلاد فعندما سمع بالأمر حذر من أن يدخل أي مسلم تلك البلاد لحين انتهاء البلاء، أو يخرج منها أي شخص، وأكد على النظافة الشخصية لتجنب الإصابة به، حين قال صلى الله عليه وسلم "إذا سمعتم بالطاعون في أرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها، وإذا كنت خارجها فلا تدخلوها"، ليكون الرسول أول من وضع روشتة للعزل الصحي.

الوباء في بلاد المسلمين

ذكر البخاري في صحيحه، فترة وقوع طاعون "عمواس" المشهور في بلاد الشام في فترة وجود خليفة المسلمين، سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكان بن الخطاب في أحد الأيام سائرًا مع أصحابه في الطريق إلى الشام حين ألتقى بأبو عبيدة الجراح ليخبره أن الوباء قد حل بالشام.

التعامل مع المرضى والمتوفين

استشار عمر بن الخطاب رضى الله عنه من حوله من الصحابة فجاء القرار بعدم الذهاب للشام، حتى لا يهلك الباقي منهم، واصفا ذلك بأنهم يهربون من قدر الله، إلى قدر الله.

وحد طاعون عمواس أرواح عدد كبير من الصحابة أبرزهم أبو عبيدة بن الجراح وكان واليا على الشام حينها، وتوفى بعدها، ليتولى خلفه في ولاية الشام معاذ بن جبل، الذي أودى الطاعون بحياته، وتولى بعده الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه، حين طلب منهم يشعلون النار ويختبئون منه في الجبال بأراض مرتفعة بحيث يبعدهم عن الهواء الملوث في المناطق المنخفضة، وهكذا رفع الطاعون عن أهل الشام، وكان اجتهاد موفق منه

وكان طاعون "عمواس" مشهور بسبب كثرة عدد ضحاياه، إلا أن الطاعون "الجارف" الذي حل بالبصرة في عهد عبد الله بن الزبير مات فيه عدد كبير من الناس، ومن أشهر من مات فيه عالم النحو أبو الأسود الدولي، ووفقا لما ذكره شمس الدين الدهبي في كتابه "دول الإسلام" عن طاعون الجارف قائلًا: "قل الناس وعجز من بقى عن دفن الموتى، وكانت الوحوش تدخل الأزقة وتأكلهم، بحيث أن أم أمير البصرة ماتت فلم يتهيأ من يخرج جنازتها سوى أربعة رجال".

بل أن كثرة القتلى بلغت لدرجة أن في يوم الجمعة لم يحضر الصلاة سوى سبعة رجال وامرأة فقال الخطيب: ما فعلت تلك الوجوه؟ فقالت المرأة: تحت التراب.

اقرأ أيضا: عاجل| متخصص مكافحة العدوى يكشف طرق تعقيم ودفن المتوفي بكورونا

التعامل مع المتوفين في الأوبئة

قال الدكتور محمد رمضان، أحد علماء الأزهر، إن الضرورات تبيح المحظورات، وجلب النصائح مقدم على درء المفاسد، لذا فإن المتوفين حراء الإصابة بفيروس كورونا وعدم التقيد بالتعليمات الإسلامية الخاصة بالتكفن والدفن، في زمن الأوبئة، وأن تغسيل الميت يتم صب المياه عليه لو تعذر مسه وهو ما يحدث الآن، بل ذهب البعض لتيمم المتوفى، والحذر أثناء الدفن بعزل من يقوم بذلك.