الطريق
الإثنين 29 أبريل 2024 05:23 مـ 20 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

استحى أن يدفن بجوار الرسول.. قصة عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة المبشرين بالجنة

الصحابى
الصحابى

بشره رسول الله بالجنة برفقة تسعة من صحابته الكرام؛ لكونه أحد أبرز المساهمين، في دعم الدين اقتصاديا وفكريًا وفقهيًا وعسكريًا، وقال عن نفسه: "لقد رأيتُني لو رفعت حجرًا لوجدت تحته فضًة وذهبًا"؛ إنه الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.

وُلِد عبد الرحمن بن عوف؛ في مكة بعد عام الفيل بعشر سنين، وكان اسمه يوم مولده عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، وظل اسمه كذلك في الجاهليّة، وبعد إسلامه، سماه النبي صلى الله عليه وسلم "عبد الرحمن"، وهو من بني زهرة؛ أخوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأقاربه من جهة أمه السيدة آمنة.

 

قصة إسلام عبدالرحمن بن عوف

ويروي عبد الرحمن بن عوف قصة اسلامه، حيث يقول: "سافرت إلى اليمن قبل المبعث بسنة، فنزلت على شيخ كبير مُدَّ له في العمر، وكنت إذا قدمت نزلت عليه، فلا يزال يسألني عن مكة وأحوالها، وهل ظهر فيها من خالف دينهم، أو لا؟ حتى قدمت المرَّة التي بُعث النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلَّم وأنا غائب فيها، فنزلت عليه فقال لي: اذكر نسبَك في قريش، فقلت: أنا عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة.

قال الرجل: حسبُك. قال: ألا أبشِّرك ببشارة، وهي خير لك من التجارة؟ قلت: بلى، قال: إن الله قد بعث من قومك نبيًّا ارتضاه صفيًّا، وأنزل عليه كتابًا وفيًّا، ينهى عن الأصنام، ويدعو إلى الإسلام، يأمر بالحقِّ ويفعله، وينهى عن الباطل ويبطله، وهو من بني هاشم، وإنَّ قومَك لأَخْوَاله، يا عبد الرحمن، وازِرْهُ وصَدِّقه.

قال عبد الرّحمن: فقدمت، فلقيت أبا بكر رضي الله عنه، وكان لي خليطًا، فأخبرته الخبر، فقال: هذا محمد بن عبد الله، قد بعثه الله إلى خلقه رسولًا؛ فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأعلن إسلامه.

هاجر عبد الرحمن بن عوف، مرتين بعدما نال برفقة الصحابة الكرام من إيذاء المشركين الكثير من العذاب، فاضطُرَّ إلى الهجرة خارج وطنه هجرته الأولى والتي  كانت إلى الحبشة، والثانية إلى المدينة المنورة؛ حيث استقر رسول الله، ثم آخى النبي بين المهاجرين وبين الأنصار؛ تأسيسا للمجتمع المسلم؛ فآخى بين عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وسعد بن الربيع رضي الله عنه.

ويروي أنس بن مالك خادم رسول الله صل الله عليه وسلم؛ الحوار الذي دار بين الأخوين سعد بن الربيع وعبد الرحمن بن عوف، حيث قال سعد لعبد الرحمن: أخي، أنا أكثر أهل المدينة مالًا؛ فانظر شطر مالي فخذه، ولي زوجتان؛ فانظر أيتهما أعجب لك حتى أطلقها، وتتزوجها، فقال له عبد الرحمن بن عوف: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلُّوني على السُّوق.

شهد "التاجر الشاطر" عبد الرحمن بن عوف جميع المشاهد مع النبي والمسلمين؛ ولعل أبرزها غزوتي بدر وأحد، وأصيب في أحد بجراح خطيرة؛ لثبوته ودفاعه عن النبي، فقيل إنه أصيب يوم أحد بعشرين جراحة، وأن إحدى هذه الإصابات تركت عرجًا دائما في إحدى ساقيه، كما سقطت يوم أحد بعض أسنانه، فتركت خللًا واضحًا في نطقه وحديثه.

وتصدق عبد الرحمن بن عوف، بشطر ماله في عهد النبي، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله، وخمسمائة راحلة، وقد باع يومًا أرضًا بأربعين ألف دينار فرّقها جميعًا على أهله من بني زُهرة، وأمهات المسلمين، وفقراء المسلمين، وأعتق ثلاثين ألف بيت، فكان طلحة بن عبد الله بن عوف رضي الله عنه يقول: "كان أهل المدينة عيالًا على عبد الرحمن بن عوف؛ ثلث يقرضهم ماله، وثلث يقضي دينهم، ويصل ثلثًا.


اقرأ أيضاً: زمن الكوليرا.. كيف واجهت مصر ”الشّوطة” ودور ”الطباشير” في الأزمة.. باحث تاريخي يجيب (حوار)

 

وتوفي عبد الرحمن عام ٣٣ للهجرة في بلاد الشام، وتحديدًا الأردن ثم صلى عليه أمير المؤمنين عثمان بن عفان؛ ثم أرادت السيدة عائشة أن تخصه بشرف لم تخص به سواه، فعرضت عليه قبل وفاته أن يدفن في حجرتها بجوار سيد ولد آدم وأبي بكر الصديق، لكنه استحى أن يرفع نفسه إلى هذا الجوار، وطلب دفنه بجوار عثمان بن مظعون، إذ تواثقا يوما أيهما مات بعد الآخر يدفن إلى جوار صاحبه.