الطريق
الخميس 9 مايو 2024 10:34 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

ماذا حدث عندما عرض وزير الداخلية تأمين محمود الخطيب؟

محمود الخطيب
محمود الخطيب

لكل بلد من بلاد العالم، وبالأخص البلاد ذات الحضارات العريقة كمصر، قوتان، قوة مادية تتمثل في الجانب العسكري والتقني وقدرة هذه البلاد على ردع أعدائها ومعاقبة كل من تسول له نفسه التعدي على سيادتها وأرضها وما يوجبه استقلالها كدولة حرة، وقوة أخرى، وهي القوة الناعمة، التي تتمثل في الآداب والموسيقى والفنون والرياضة وإنتاج الفكر والثقافة، وهذه هي السلاح الأخطر الذي تسعى كل دولة إلى أن تملكه، لأنه ببساطة السلاح الذي لا يتقادم بمرور الوقت، بل ويظل في يد الدولة في وقت الحرب والسلم، يعزز هيمنتها الثقافية والحضارية.

قوة مصر الناعمة

ولمصر قوة ناعمة ضخمة، في كل مجال من مجالات الحياة توجد رموز سطرت لنفسها تاريخا لتصبح أساطير في الأدب والفن والموسيقى، كان لمصر هذه الرموز التي دأبت الدولة على رعايتها وتقديم كافة وسائل الدعم لها، وليس غريبا أن تجد اليوم كبار الدول تخاطب العالم دبلوماسيا وحضاريا عن طريق نجوم الرياضة والفن، وليس عن طريق الساسة المخضرمين أو رجال السلك الدبلوماسي.

وكانت الدولة المصرية وضعت على عاتقها منذ وقت بعيد رعاية هذه الرموز، ومن خلالهم نجحت في تسويق هيمنتها الثقافية والحضارية، فعلى سبيل المثال، في مجال الرياضة أيضا كان نجوم الكرة لهم حضورهم وتأثيرهم على الرأي العام، واذا ذكرنا مثلا جيلا كجيل اللورد محمود الخطيب في أوج توهجه في السبعينيات، سنجد أن اللاعبين في هذا الوقت لم يكونوا يملكون مجتمعين ربع ما يملكه ناشئ اليوم في أحد الأندية، ومع ذلك لا تكاد تمر سنة، إلا وتجدهم حاصدين بطولة أفريقية أو أوليمبية، وفي جيل كهذا في مصر كان محمود الخطيب على رأس الأساطير الكروية التي صنعت تاريخا، ودخل عشق هذا الساحر إلى قلوب ليس فقط كل المصريين زملكاويا قبل أهلاويا، وإنما إلى القارة الإفريقية السمراء كلها، كافة وما تزال شعبيته وأهدافه ولمساته محل إعجاب الأجيال الجديدة من محبي الساخرة المستديرة في إفريقيا.

كانت الدولة حريصة كل الحرص على جمع شمل القطبين الكبيرين وتوفير السلام بين جماهيرهما العريقة، وعدم السماح باستخدام الكرة وسيلة لإذكاء التعصب الأعمى أو تصفية الحسابات، والصورة التي تعرضها "الطريق" اليوم للكابتن محمود الخطيب، كانت قد جمعته بقيادات رفيعة المستوي بالدولة منذ أكثر من 26 عاما، لكن يا تُرى ما هي القصة وماذا دار فيها؟

لقاء الخطيب بمنصور العيسوي

في عام 1994 أقامت جريدة "الأحرار" الحزبية حفلا كبيرا بمناسبة مرور عام على بدء إصدار العدد اليومي من الجريدة، وقد دعت إليه صفوة المجتمع والشخصيات العامة، وفي مقدمتهم البرلماني الراحل، كمال الشاذلي، والدكتور زكريا عزمي، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية الأسبق، واللواء منصور العيسوي، وزير الداخلية الأسبق، (الذي كان وقتها مدير أمن القاهرة) وعدد كبير من الصحفيين والإعلاميين ونجوم الرياضة، وعلى رأسهم الكابتن محمود الخطيب، نجم الأهلى والمنتخب القومي.

لقاء الخطيب ومنصور العيسوي

وكنت أنا في مقدمة استقبال اللواء منصور العيسوي متعه الله بالصحة والعافية، وبعد دقائق وصل الكابتن الخطيب وسط حفاوة بالغة، وخلال الاحتفال تنحى اللواء منصور العيسوي جانبا بالكابتن الخطيب، ودار بينهما حوار حمل تقديرا خاصة من وزارة الداخلية، والوزير اللواء حسن الألفي شخصيا، لما يتمتع به اللاعب من شعبية عريضة وجماهيرية كبيرة، جعلته رمزا مشرفا لمصر في الداخل والخارج، ونقل الوزير الأسبق رسالة حب وتهنئة من جهاز الشرطة للكابتن الخطيب.

وأكد اللواء العيسوي خلال هذه "الودودة" الجانبية، استعداد الداخلية لتأمين "بيبو" في أي تحركات إذا شعر بالخطر، كواجب أساسي من واجبات الشرطة في حماية المواطنين والشخصيات العامة، لكن نجم مصر رفض أن يعامل معاملة خاصة، وقدَّم الشكر لوزير الداخلية وقتها وللواء العيسوي، مؤكدا أنه لا يخشى من التفاف الجماهير حوله، بل على العكس، يخشى من أن يسير في الشارع فلا يلتفت إليه الجماهير!

تذكرت تلك المناسبة بسبب ما يحدث تلك الأيام على الساحة الرياضية ولماذا لا نعود مرة أخرى للحفاظ على القوى الناعمة لمصر في كل المجالات كما يحدث في كل دول العالم!