الطريق
الأحد 28 أبريل 2024 02:23 مـ 19 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

57357 صرح في محنة.. حملات التشويه توقف التبرعات والأطفال الخاسر الأكبر

57357
57357

أهالي الأطفال: ساعدوا المستشفى من أجل أبنائنا

المستشفى: التبرعات تقلصت بنسبة 80%.. ونبحث عن موارد غير تقليدية

براءة المستشفى لم تمنع الضرر.. وكورونا زادت المحنة

 

بدأ الأمر بمجرد فكرة، ظلت تكبر وتنمو حتة تحولت إلى حلم كبير وضخم، بإنشاء مستشفى ضخم تكون مهمتها علاج أطفال مصر من السرطان، اختمر الحلم داخل عقل كل مصري وسيطر على كيانه، وأصبح الشغل الشاغل للجميع في مطلع الألفية الجديدة رؤية ذلك الصرح الذي رسم كل مصريٍ صورته في مخيلته واقعًا، تضامن الجميع وتنازل الموظف عن جزء من راتبه والعامل عن بعض أجره والطالب عن مصروفه، حتى وصل عام 2007، ليتجسد الحلم على أرض الواقع، وتفتح مستشفى 57357 أبوابها أمام الأطفال، وتصبح صرحًا مصريًا كبيرًا أثبت فيه المصريون قدرتهم على تحويل أحلامهم لواقع إذا وقفوا سويًا متحدين ومتضامنين.

 

ظلت المستشفى واقفةً وشامخةً في وجه التحديات، تتلقى التبرعات وتجدد مصادر تمويلها، حتى جاء عام 2018، الذي تلقت فيه المستشفى والصرح الكبير ضربةً قويةً، من خلال حملةٍ قويةٍ للتشكيك المالي في مسؤوليها واتهامهم بالفساد، وعلى الرغم من أن وزارة التضامن الاجتماعي برأت المستشفى مما نسب إليها من اتهامات بالفساد المالي، وذلك بعدما فحصت اللجنة المشكلة منها، طوال خمسة أشهر من التحقيق، آلاف المستندات واستمعت إلى ما قررت الاستماع إليه من العاملين بكل من المؤسسة والمستشفى، إلا أنه وفقًا للمثل الشعبي «العيار اللي ميصيبش يدوش»، تركت الحملة أثرها على التبرعات الواردة للمستشفى ما أثر بالتبعية على المرضى.

 

المتضرر الأول من الحملة كان المرضى، حيث تروي والدة أحد الأطفال الذين عولجوا في المستشفى طوال أعوام أنعم الله عليه بالشفاء بعدها، أن المستشفى الآن في حاجة ماسة للدعم، فالصرح الذي لم يقصر يومًا في حق الأطفال، حسب وصفها، اعتادت على تقديم خدمات لهم بعد الشفاء والمتابعة واستكمال العلاج في المستشفى «كانت بتقدم الخدمة الطبية اللائقة بآدميتنا الخدمة اللي معاها الكرامة والإنسانية»، إلا أن الوضع تغير مع حملة التشويه وجائحة فيروس كورونا.

 

أهالي الأطفال: خايفين المرض يرجعلهم

 

تواصل والدة الطفل «عبدالمنعم» أن نسبة التبرعات قلت فيها بسبب كورونا وبدأت المستشفى تغير وتعدل في بعض القرارات زي إنها عملت الأولوية للأطفال اللي بتتلقى جرعات الكيماوي أو العلاج الإشعاعي، وبدأت تبعت الأطفال اللي ربنا من عليهم وكرمهم بشفائه إنهم يكشفوا عندهم في المستشفى ويخرجوا ياخدوا العلاج اللازم ليهم من التأمين الصحي»، وهو الأمر الذي يضع أسر الأطفال المرضى في وضع كانت المستشفى تغنيهم دومًا عنه، وهو ما تعبر عنه قائلة: «أنا كأم لطفل عانى من المرض اللعين ده مبقاش عندي طاقة زي امهات كتير إننا نكشف على أولادنا في 57357 ونروح مكان تاني نعاني فيه علشان نصرف علاج أولادنا ده بخلاف قلقنا على أولادنا من إن لمرض يرد عليهم لا قدر الله».

 

ما قالته والدة الطفل «عبدالمنعم»، تؤكده والدة «محمد» الذي عانى من السرطان قبل أن تعالجه مستشفى 57357، إلا أنه مع زيادة الأعداد وقلة التبرعات، أصبحت المستشفى تقلص الخدمات التي كانت تقدمها عقب علاج الطفل «علاج ابني بس عدى مليون جنيه، وقعد سنتين مبيعرفش يقف على رجله كان بيتشال، المستشفى كانت بتبعت ليه دكتور من المعمل ياخد عينة من البيت علشان يطمنوا عليه ويصرفوا العلاج ليه وكانت بتتحمل نفقات سفر الأولاد اللي جايين من محافظات تانية وكانت شايلة عبء كبير عننا، ولادنا هم اللي راحوا ضحية حملات التشويه دي».

 

مطالبات بعودة خدمات مدى الحياة في المستشفى

 

«محتاجين نرجع لنظام المستشفى القديم إنها تقدم للأطفال الخدمة مدى الحياة».. مطلب واضح وصريح وجهه أهالي المرضى للمسؤولين، مطالبين بتحويل قيمة علاج أبنائهم وأطفالهم من التأمين الصحي إلى المستشفى، أو حتى إرسال العلاج الذي تقرره المستشفى من التأمين الصحي إليهم، ويجري صرفه للأطفال من داخل مستشفى 57357 كما اعتادوا دوما، مؤكدين أنهم يعتبرون مستشفى 57357 هرم مصر الرابع، الذي يحتاج مساندة الدولة في الوقت الحالي من أجل الأطفال، الذين يرتبطون بأطبائهم الذين عالجوهم وساندوهم في المستشفى، وقادوهم نحو بر الأمان.

 

الدكتور محمد عوض عجاج، المدير الطبي لمستشفى 57357، أكد أن الهجمة الشرسة التي تعرضت لها المستشفى ومسؤوليها في عام 2018، أثرت بالسلب على التبرعات التي تتلقاها، ثم جاءت بعدها بأقل من عامين جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، ليكتمل التأثير السلبي على التبرعات، لافتًا إلى أن حجم التبرعات الذي كانت تتلقاه المستشفى تقلص بعد تلك الظروف من 70 إلى 80%، وهو ما اضطر المستشفى إلى بعض الخيارات الصعبة لمواجهة تلك الظروف.

 

3 خيارات صعبة

 

وأضاف «عجاج» في تصريحات خاصة لـ«الطريق» أن الظروف وضعت المستشفى أمام عدة خيارات جميها صعبة، فلم يكن أمام المسؤولين سوى أحد 3 خيارات، الأول تقليص حجم العمالة في المستشفى توفيرا للنفقات، والثاني وقف استقبال المرضى لفترة معينة، لافتًا إلى أن الخيارين جرى استبعادهما واللجوء للخيار الثالث، المتمثل في وقف بعض الخدمات غير الأساسية التي كانت تقدم للأطفال بعد شفائهم وتعافيهم من السرطان، مثل صرف الأدوية مدى الحياة والمتابعة الدورية على وظائف الجسم مثل عيادات الأسنان والباطنة، وهي الخدمات التي تقدمها المستشفى منذ عام 2007 حتى صارت حقًا مكتسبًا ومعتادًا للأطفال.

 

اقرأ أيضا: الموت في ”كيس مقرمشات”.. تحذير: جنبوا أطفالكم الـ”سناكس”

 

وواصل أن جميع الأطفال المصابين بالسرطان يجري استقبالهم كالمعتاد لا فرق بينهم على الإطلاق، والأولوية الوحيدة هي الترتيب الزمني أي «الدور» وأسبقية الحجز، وليس درجة السرطان لأنها يجري تحديدها عقب أسبوعين من دخول المستشفى في الأساس، لافتًا إلى أن أهالي الأطفال شعروا ببعض الامتعاض في البداية بسبب عدم اعتيادهم على الوضع في مستشفيات التأمين الصحي التي يختلف نظامها عن مستشفى 57357، إلا أنهم تفهموا الوضع وأدركوا أنه خارج عن الإرادة وربما يكون وضعا مؤقتا مع مرور الأزمة.

 

موارد غير تقليدية

 

 

وأكد أن المستشفى تحاول التغلب على الأمر وتوفير موارد بطرق غير تقليدية، مثل توفير بعض الخدمات الفائضة للكبار مقابل أجر، مثل أجهزة الرنين على سبيل المثال التي لا تستخدم كثيرا للأطفال، كما أن المستشفى ستفتتح قريبا جهاز اسمه «سايبر نايف» الأول من نوعه في في مصر والعالم العربي وإفريقيا، ويستخدم تكنولوجيا متطورة للغاية تمزج بين العلاجين الإشعاعي والجراحي لخلايا السرطان، وتقلل جلسات العلاج الإشعاعي من 30 جلسة إلى 4 فقط، وسيستخدم بنسبة من 15 إلى 20% فقط لأطفال المستشفى، وباقي استخدامه سيكون للكبار ما سيساهم في توفير موارد بديلة.

 

وشدد المدير الطبي لمستشفى 57357 على أن الأزمة التي تمر بها المستشفى أدت إلى احتياجها الشديد للكثير من الأدوية، كما أنها باتت في حاجة ماسة لتجديد الأجهزة والأسرة والغرف، والتي مر عليها 14 عامًا منذ افتتاح المستشفى في عام 2007، مشيرًا إلى أن الحملة الإعلانية للمستشفى في شهر رمضان ستستمر هذا العام أيضا، فالدولة تسمح بنسبة تصل إلى 20% من حجم التبرعات للحملات الإعلانية، والمستشفى تستخدم 9% فقط منها في الإعلانات، مؤكدًا أن تلك الحملات مهمة للغاية من أجل التبرعات للمستشفى.

 

موضوعات متعلقة