الطريق
الجمعة 29 مارس 2024 10:36 صـ 19 رمضان 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

محمد عبد الجليل يكتب: من السادات إلى السيسي.. كيف أعاد الرجلان مصر إلى المصريين

الكاتب الصحفي محمد عبد الجليل رئيس تحرير الطريق
الكاتب الصحفي محمد عبد الجليل رئيس تحرير الطريق

رغم أن أحدهما لم يلتق الآخر، فإن السيسي امتدادٌ للسادات، ومُكملٌ لمشروعه السياسي ببناء مصر أخرى، تستلهم من الفراعنة حضارتهم وأصالتهم، ومن الحاضر أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا وأنتج العلم، ومن المستقبل طموحاته وإنجازاته.

وكلاهما لم يتصوّر أحدٌ في بداية حكمهما أنهما سيفعلان ما فعلا!

فالسادات عندما تولّى المسؤولية، ظن بعضهم أنه سيكون ألعوبة، وأنه مجرد "برافان" يختبئ آخرون خلفه لتمرير إرادتهم، ففاجأهم بفكره المتطور وسيطرته على الأمور وتخطيطه بعيد المدى، وعبر بمصر -رغم كل الظروف الصعبة- إلى الضفة الأخرى من الكرامة وإثبات الذات!

فماتوا جميعا في حياتهم وعاش السادات في موته!

والسيسي عندما صعد إلى موقع المسؤولية، ظنّه بعضهم سيفكر في مكتسباته الشخصية ويسعى لاستثمارها، ففاجأ الجميع بوعيه السياسي النادر وامتلاكه جميع أوراق اللعب -كما يليق بثعلب مخابرات قديم!- وانحيازه الحاسم للشعب في لحظة فارقة، والأهم: قدرته على اتخاذ القرارات المصيرية بيد لا تعرف الارتجاف وإرادة بصيرة نافذة!

كان يمكن أن يفقد السادات حياته في أثناء مغامرته لتحويل هزيمة ٦٧ نصرًا، وكان يمكن أن يفقد السيسي كل مكتسباته في أثناء مغامرته بالتمرد على الخيانة واختيار الشعب، كلاهما كان يحمل رأسه بين يديه ولا يرى أو يفكر إلا في الآتي، ولو كان أحدهما لن يعيش ليجني الثمار، فيكفيهما أن المصريين سيفعلون، وهو دأب المؤسسة العسكرية المصرية منذ فجر التاريخ: مصر أولًا ثم تأتي كل الحسابات الأخرى.

لقد استرد السادات الأرض ونظفها من رجس المحتلين، والسيسي بناها وصنع جمهوريته الجديدة التي يوشك فجرها على البذوغ ليكتب سطرًا جديدًا في تاريخ مصر قوامه التحدي والإنجاز والوفاء بالوعد وامتلاك الإرادة السياسية والقدرة على التخطيط والعبور من سم الخياط.

السادات مهَّد وألقى البذور، والسيسي سمّد وروى وحمى، وآن أوان القطاف، حان أوان استعادة قوة مصر الناعمة وإعادة تموضعها كأهم دولة عربية في الشرق الأوسط، فلله درهما من بطلين، رُزِقت بهما مصر في أوقات حالكة، ليُكتَب لها دائما فجرٌ جديد يمحو ظلام الليل وإن استطال، ويثبت أن هذا الشعب لا يفنى ولا يُستغل ولا تمارس باسمه الألاعيب وتُبنى على حسابه الأمجاد الشخصية، إنه شعبٌ حرٌ لا يحكمه إلا حرٌ مثله.