الطريق
الجمعة 19 أبريل 2024 07:07 مـ 10 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

محمد رشدي يكتب.. طالبان تعود باتفاق الخروج

محمد رشدي
محمد رشدي

استيقظ العالم بعد غفوة استمرت عشرون عاما، كانت هادئة ومربكة بعض الشيئ للجماعات الإرهابية في ظل عدم وجود مأوي أمن لها أو داعم.

تعود طالبان التي اختفى اسمها وظل بالأدراج الأمريكية حتي يحين دوره باتفاق جديد.

حيث تتمثل السياسة الأمريكية في التعامل مع حركة طالبان منذ نشأتها إبان فترة حروب الجيش السوفيتي وامتداده بأفغانستان بعام 1994 علي يد المؤسس/ الملا محمد عمر، الذي استطاع أن يحظي بحكم أفغانستان بدعم أمريكي فور خروج الجيش السوفيتي وإجلائه عن أفغانستان، لتدخل طالبان في صراعات وحروب أهلية داخلية تستطيع أن تفوز من خلالها بعد تفكيك الجيش الشيوعي بأفغانستان، وإسقاط الاشتراكية بتشكيل حكومة تحكم بها أفغانستان.

مهدت حكومة طالبان الحياة لعودت الحركات والتشكيلات والتنظيمات المتطرفه، وهيأت لها بيئة خصبة راعية للإرهاب، مما ساعد هذه التنظيمات وخاصة تنظيم القاعدة في إعادة هيكلتها وخلق موارد لها وداعمين؛ كل هذا حدث تحت مرأى ومسمع من العالم الدولي، وسرعان ما اختلف وانحرف المصنوع عن رغبة الصانع الداعم فكان لخروجه عن الإطار السياسي ودوره الذي حدد له من قبل الإدارة الأمريكية أثر في تغيير قواعد السياسه الأمريكية، فسرعان ما غضب المجتمع الدولي من تطاول هذه التنظيمات التي ترعاها طالبان، فتم إسقاطها والانقلاب عليها فقتلت القوي الدولية بقيادة الولايات المتحده الأمريكية قادة طالبان ليس لإنهائهم والقضاء عليهم، بل لترويضهم وفرض قرار القوة عليهم.

منذ عام 2001 وسقوط إمارة أفغانستان الإسلامية حتي يومنا هذا، وتحاول طالبان بشتى الطرق أن تعود من جديد، فاستطاعت أن تقوي شوكتها وترابطها بالجماعات الإرهابية المتطرفة التي اعتلت الجبال الأفغانية واتخذته ملاذا آمنا لها، والتي دعمت طالبان بعمليات انتحاريه وشبه انتحاريه وهجمات ومتفجرات وعمليات أخرى إرهابية ضد القوي الدولية المتواجدة بأفغانستان.

تجتمع وجهات النظر بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية، ويظهر الاتفاق والتعاون قبل الإجلاء بسنوات ويظهر التعاون عندما ضغطت واشنطن علي كراتشي الباكستانية للإفراج عن الملا عبدالغني القائد العسكري للحركه الذي قاد المفاوضات منذ عام 2018 كرئيس للمكتب السياسي بالدوحة لطالبان.

وقدمت الإدارة الأمريكية الملا سراج الدين حقاني أحد قادة طالبان للرأي العام الأمريكي والغربي من خلال مقالا نشر بعام 2020 بصحيفة نيويورك تايمز ذكر فيه "لاكثر من أربعة عقود تهدر حياة الأفغان الغالية كل يوم لقد سئم الجميع الحرب أنا مقتنع بوقف القتال والتسوية".

هنا يظهر دور الدوحة في عودة طالبان والمساعي التي قدمتها قطر للحركة باتفاق أمريكي مشترك، مما يجعل الإجلاء وانسحاب القوات الدولية بهذا الشكل المتسارع المضطرب الذي أربك العالم بضرورة الإجلاء تاركين خلفهم الغالي والنفيس من الأسلحة الخفيفة والثقيلة من مدرعات وطائرات التي تحتاجها طالبان في حروبها الداخلية متفق عليه، حتي تستطيع طالبان أن تربك المجتمع الأفغاني وتخلق حالة من النفور والفزع لدي المواطنين حتي ينصاعوا لما تقول.

تغلغل طالبان وامتدادها وظهورها بهذا الشكل الذي سبقه محادثات ومؤتمرات بالدوحة يؤكد علي الاتفاقيات المسبقه والترتيب لكل حدث من خلال خطة الإجلاء والانسحاب حتي تمكين طالبان من تشكيل حكومة تستطيع امتلاك مؤسسات الدولة وإدارتها.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه، لماذا قررت الإدارة الأمريكية عودة طالبان.!؟

منذ ثورات الربيع العربي التي انتجت معارضة مسلحة، التي انتجت بالضرورة جماعات وتنظيمات بأفكار مختلفة متشددة أغلبها تتفق فكرا مع طالبان وجماعتها تنظيم القاعدة وإيران وجماعتها حزب الله بشتي الدول التي عانت ومازالت تعاني من الإرهاب.

فاستيقظ العالم على تنظيمات وتفككات بالمجتمع العربي الذي يمثل الشرق الأوسط الجديد، فكان حتمية الاتفاق مع طالبان والاعتراف بها كدولة وإمارة إسلامية جديده بفكر متغيير بتفهمات مسبقه ودعم محدود، حتي تخلق نقيض الفكر الإيراني الذي تغلغل بالشرق الأوسط في ظل الأنظمة المتصارعة بحروب أهلية، لتضع حاجزا داخل هذه المجتمعات والدول من الجماعات والتنظيمات بقيادة طالبان، مما يزيد من حدة التوتر والانقسام بالشرق الأوسط الجديد.

كما أن الاتفاق مع طالبان والاعتراف بها يوقف نزيف الدماء والأموال بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، كما ستستفيد من مقدرات الشعب الأفغاني دون عناء.

كما أن السياسه الأمريكية ستتوغل أكثر من خلال كسب الجبهات المتصارعة بمنطقة الشرق الأوسط، أي أن عودت طالبان يعود بمكاسب اقتصادية وسياسية من خلال توجيه الإرهاب.

أنهكت القوي الدولية طالبان، كما أن طالبان أنهكت العالم بطول الحرب.

عادت طالبان ولكن العالم لم يعد كما كان، ففي ظل هذه الظروف العصيبة التي تملائها التوترات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط ومن انقسامات وحروب وصراعات مشتعلة منذ سنوات، تجد طالبان حلفائها من المتشددين الذين يثيروا الفتن والهرج والمرج بالمجتمعات العربية المترابطة.

عادت طالبان وعاد الاتفاق الأمريكي القطري من جديد باتفاق الخروج.

كما عادت وظهرت هواجس العالم من الإرهاب وأن تستخدم طالبان جبال أفغانستان كملاذ آمن للجماعات والتنظيمات الإرهابية كما كان عهدها سابقا.

عاد الاتفاق الأمريكي القطرى التركى المشترك ليوهم العالم أن بمقدوره السيطرة على فكر الإرهاب وتغير هذا الفكر وهذا لن يحدث، فقد تستطيع أن تغير أشكال السياسة ونمط الحياة.

ولكن لن تسطيع تغير هذا الفكر الذى نشأت عليها هذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية، ومايدلل على ذلك أن طالبان ارتكبت الكثير من القتل والاضطهاد ضد معارضيها من الأفغان وغيرهم، فالنظرة الكافرة للعالم لم ولن تتغير ولن تموت هذه الفكرة إلا بالقضاء على هذه الجماعات التى تقود هذا الفكر المتطرف.

تعاملت مصر مع الانسحاب وعودة طالبان بحنكة وحظر شديد فأنهت بعثاتها الدبلوماسية سريعا، وأجلت أبنائها لأرض الوطن دون الدخول في مهاترات، رغم صعوبة الطيران بأفغانستان استطاعت مصر أن تصنع مجالا جويا آمنا في ظل عدم قدرة القوي الدولية وارتباكها مما حدث، حيث تحتفظ مصر بتاريخ أسود للجماعات والتنظيمات الإرهابية بفترة التسيعينات، حيث عانت مصر من الإرهاب الأسود في ظل تواجد طالبان بالحكم مما يوضح موقف مصر من رعاية طالبان للإرهاب.

حرصت مصر منذ بداية الأزمة وإنهاء المحادثات حتي عودة طالبان علي التحفظ الشديد لإدراك القيادة المصرية أن عودتها وعدمه لا يمنع الحرص والحيطة والحذر، وأن الحفاظ علي الأمن القومي لن يكون إلا بسواعد شباب هذا الوطن.

حمي الله مصر بشعبها وجيشها وترابطها ووحدتها، والله الموفق.