الطريق
السبت 27 أبريل 2024 09:25 مـ 18 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

أحمد الضبع يكتب: موسكو.. مدينة الحرب والحب

أحمد الضبع
أحمد الضبع

شوارع نظيفة تزينها الأشجار الخضراء، وأبراج شاهقة تشع منها إضاءة هادئة تبعث على الطمأنينة، ومواطنون يسيرون بالشوارع بفخر وخيلاء، وهم يوزعون على بعضهم ابتسامة صافية، تلك كانت الصورة الأولى التي سجلتها ذاكرتي بعد أن وصلت إلى العاصمة الروسية موسكو.

يعيش الناس في موسكو حياة حقيقية غير عابئين بما سيحدث غدًا، فالمهم بالنسبة إليهم هي اللحظة الآنية، واستغلالها على نحو يجلب السعادة، فلا تعكر الحرب التي تخوضها روسيا صفو الأجواء الرائقة، على عكس ما كنت أتوقع قبل الذهاب إلى هناك ومعايشة الأحداث على أرض الواقع.

كان الغرض الأساسي من زيارتي إلى موسكو حضور ملتقى لتبادل الخبرات مع الصحفيين الروس نظمته قناة RT Arabic، بمناسبة مرور 80 عاما على العلاقات بين مصر وروسيا، لكن برنامج الزيارة لم يخل من الفعاليات الثقافية والترفيهية التي أضفت على الرحلة طابعا خاصا، وأكسبتنا معرفة أكثر عن طبيعة الشعب الروسي الصديق والمحب للحياة.

في إحدى المرات تسلمت رفقة 24 من الزملاء الصحفيين المصريين دعوات لمشاهدة بعض العروض الفنية عن الباليه الروسي، والرقص الفرعوني بمسرح البولشوي العريق، وفي ساحة المسرح الشهيرة وجدنا فتاة روسية تعزف الموسيقى، استأذناها لإلقاء أغنية مصرية فرحبت بسرور، وبدون ترتيب مسبق بدأنا نشدو بأغنية: الحلوة دي قامت تعجن في البدريَّة والديك بِيِدَّنْ «كوكو كوكو» بالفجريَّة يلَّا بنا على باب الله يا صنايعيَّة يجعل صباحك؛ صباح الخير يا اسطى عطيَّة، ليتفاعل معنا المئات من المواطنين الروس رغم أنهم لا يفهمون لغتنا العربية.

وبعدما دخلنا العرض المسرحي بدأت فرقة الباليه الروسية تتألق على خشبة المسرح، ثمّ ظهرت فرقة الموسيقى العربية بأزياء فرعونية وخطفت الأضواء بخفة وبهاء، وإذ فجأة تحول الجمهور الروسي الذي كان الواحد منهم يجلس في مقعده هادئا، وهو يضع قدما على أخرى، إلى ألتراس مهووس بالحضارة المصرية، وتعالت صيحات الإشادة والإعجاب من المدرجات مع التصفيق الحار، والانبهار بالمصريين الذين يمثلون أجداهم القدماء، وسرعان ما تحول المشهد إلى مظاهرة في حب مصر.

كنت قد قرأت قبل السفر عن الشعب الروسي، وكونت عنه صورة ذهنية مسبقة، فحواها أن الروس لا يفضلون التعامل مع الغرباء، لكن تلك الصورة قد تبددت بعد أن خرجت للتنزه بشوارع موسكو مع الزملاء مصطفى درغام وعبد الله عويس وعبد الله أبو ضيف، وفي الطريق تعرفنا إلى شابين وفتاة أعمارهم في العشرينيات.

لحسن الحظ كان الأصدقاء الروس يجيدون بعض اللغة الإنجليزية، وبمجرد أن بدأنا الحديث، وعرفوا أننا من مصر، صرنا نمرح، ونضحك ونلتقط الصور، ونعلمهم بعض الكلمات المصرية، وهم كذلك، وكأننا نعرف بعضنا قبل 10 سنوات، وفي نهاية اللقاء تبادلنا أرقام الهواتف وحسابات التواصل الاجتماعي على أمل لقائهم مرة أخرى في شرم الشيخ.

لا أجدني أبالغ إن وصفت الروس بالشعب العاطفي، وذلك لأن ضحكة واحدة من أجنبي ربما تكفي لتكوين صداقة وطيدة مع مواطن روسي، والصداقة هنا لا تقاس بعدد السنين إنما باللطف في اللحظة التي نعيشها معا، ثمّ يذهب كل واحد إلى حال سبيله، وتبقى المحبة عنوانا للعلاقة المبنية على الاحترام المتبادل.

اقرأ أيضًا: أحمد الضبع يكتب: هنا دمشق وأنقرة من القاهرة