الطريق
الخميس 25 أبريل 2024 02:36 مـ 16 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

محمد عبد الجليل يكتب: زمن المسخ وتغييب العقول.. والفلوس الحرام

محمد عبد الجليل
محمد عبد الجليل

نحنُ في زمن المسخ، مسخٌ يضرب كل ما حولنا ويُسمم حياتنا، ويصبغ كل أنشطتنا الإنسانية بقبحٍ وانحطاطٍ لم نصل إليه في يوم من الأيام، قبح ومسوخ بشرية اعتلت منصة الفن والدين والمجتمع، فأصبح لها الكلمة العليا، وباتت تتحكم في مزاجنا وذوقنا، في ظاهرةٍ شاذة تحولت إلى كارثة أخلاقية واجتماعية.

وها قد أصبحنا نرى أمثال حمو بيكا وشاكوش ومجدي شطا ومحمد رمضان، ومعهم البرهامي ومعز ووجدي كلهم في كفة واحدة يتولون إفساد أجيال كاملة من الشباب، كلٌ بطريقته الخاصة، فريقٌ ينشر العُهر والفساد والترويج للمخدرات والخمور عن طريق فن هابط يتنافسون فيه على تقديم أحط الكلمات والتشجيع على الاستخفاف بكل القيم والأخلاق والانتصار للفهلوة والبلطجة ولغة الذراع والقوة، وفريق يبث سُمًّا زُعافًا يروج فيه للعنف والكراهية والجمود، فيما يقف الملايين من الناس مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، يدفعون ثمن هذا الانحطاط فاتورة باهظة من أموالهم وقوت يومهم إلى الفريق الأول، أو أرواحهم وحياتهم وغسيل أدمغتهم إلى الفريق الثاني. ويظهر نوع آخر جاهلٍ بكل أدوات الإعلام ليضرب فتنة بين أبناء البلد الواحد، كما لو كانت البلد ناقصة تامر وغيره.

وإن تعجب.. فعجبٌ أن ترى لكل فريق من هؤلاء ملايين من الأتباع والمريدين والدراويش، بعد أن غابت كل قيمة وتوارت كل قامة، ولم نعد نسمع عن معارك طه حسين ومحمود شاكر حول الشعر الجاهلي، أو العقاد والمازني حول الرومانتيكية الجديدة، ولم نعد نرى فريد الأطرش وعبد الحليم ونجاة ووردة يحيون حفلات عيد الحب وعيد الربيع، ولم يبق لنا سوى شاكوش الذي اعتلى منصة استاد القاهرة ليحيي حفلة عيد الحب بأغانيه عن الخمر والمخدرات، ومحمد رمضان الذي يهوى التصوير عاريا بين أسطول من سيارته وطائرته الخاصة، التي تشبه فندقا طائرا من ذوي الخمس نجوم، في تحدٍّ صارخ يخرج لسانه ويكاد أن يبصق في وجوهنا بفنه الماسخ، ليثبت لنا أن الإسفاف ينتصر وأن الانحطاط يعلو.

ومع ذلك وعلى الرغم منه، لم يسلم الطرف الآخر من الأذى حتى بات ينافس هؤلاء في تقديم الفتاوى الأكثر كراهية وعنفا وتحريضا على إراقة الدماء وحصد الأرواح، ثم يتولى معتذرا وكأن شيئا لم يكن، وغابت صورة الشيخ أبو زهرة وعبد الحليم شلتوت والمطعني وعبد المتعال الصعيدي، وظهرت صورة معز مسعود وهو محاط بمريديه من النساء وأتباعه يكادون يرفعونها عن الأرض رفعا ويتبركون به، كتبرك المسكين بالأولياء، وكأنه وغيره ينافسان رمضان الذي يفخر بأن "الفانز" يقطعون ملابسه في سبيل التبرك به ونيل شرف ملامسة جسده الطاهر.

ما أكتبه ما هو إلا صرخة في جوف هذا الظلام الذي يوشك أن يبتلعنا في نقطة سوداء أو استغاثة لكل عقلاء الأمة أن ينقذوا البلد من هذا الخراب.